-
ع
+

الانبثاق الكوني والنظريات الضمنية (1)

يحيى محمد

معلوم أننا في دائرة الأسباب والمسببات الطبيعية لا نعاني مشكلة حول تحديد السببية عموماً، حيث في كل ظاهرة أو حادثة ندرك ان لها سبباً ما، حتى وإن لم نتمكن من تحديدها. لكن ما نصادفه في السببية الميتافيزيقية أمر مختلف، إذ كيف يمكن لمبدأ السببية الانفتاح على قضايا ما وراء الطبيعة؟ فكل ما يمكن ان يدل عليه هو ان الظواهر والحوادث تحتاج إلى أسباب، لكن من دون تحديد إن كانت الأسباب ضمنية ذاتية أو خارجية مستقلة.

فهناك افتراضان حول السبب الميتافيزيقي، فإما ان يكون ذا طبيعة ضمنية جوانية يعود إلى أصل المادة الكونية، بحيث ان من طبيعتها ابداع الحوادث من دون انقطاع، أو ان يكون السبب خارجياً يعود إلى فاعل ميتافيزيقي مفارق أو غير مفارق يعمل على خلق الحوادث الأصلية.

فانطلاقاً من مبدأ السببية، قد يكون المرجع في سلسلة العلاقة بين الأسباب والمسببات عائداً إلى الطبيعة الجوانية للمادة الكونية، بمعنى أن الأصل في السببية هو الحالة الضمنية الكامنة في صميم المادة ذاتها. غير أن هناك احتمالًا آخر، وهو أن يكون منشأ هذه العلاقة راجعًا إلى طبيعة برانية مستقلة، سواء كانت محايثة أو مفارقة تمامًا.

ويبقى السؤال الجوهري: كيف يمكن ترجيح أحد الاحتمالين على الآخر؟ هل ثمة وسيلة يمكن من خلالها الكشف عن منشأ السببية، أهو داخلي كامن أم خارجي مستقل؟

بمعنى، هل هناك ما يدعو "السببية الابستيمية أو الاعتقادية" ان ترجح أحد الفرضين على الآخر[1]؟

وعلى نحو التحديد، هل ان نشأة الكون قابلة للتفسير ضمن اطار القوانين الفيزيائية والأسباب الطبيعية من دون حاجة إلى عوامل خارجة عن الكون المادي ذاته، أم لا بد من افتراض هذه العوامل كمؤثرات ميتافيزيائية؟

بداية ان الاعتراف بالسببية الضمنية الكامنة - أي الجوانية - لا يعني البتة أن الحوادث والظواهر تصدر عن العدم المحض. فـ "السببية الاعتقادية" لا تفسح مجالًا لمثل هذا الافتراض، انسجامًا مع بداهة العقل الفطري. إذ يستحيل عقلاً أن تتحول حادثة من العدم إلى الوجود من غير سبب مطلقًا.

وعليه فإن أقصى ما يمكن أن تدّعيه السببية الضمنية الكامنة، هو أن للمادة - وفق شروط قد تكون قابلة للتعيين - إمكانية ذاتيةً منتظمةً على إنتاج حوادث محددة. ولا يتعارض هذا الحال مع مبدأ السببية العامة، بل ينسجم معه ضمن فهم أوسع. فالأمر شبيه بالنار، التي تمتلك قابلية ثابتة على الإحراق متى ما توفرت ظروف ملائمة، دون أن يُعد ذلك خرقًا لقاعدة السببية.

وعلى الصعيد الفلسفي ثمة نص لديفيد هيوم يشير إلى هذا المعنى من السببية الضمنية، بلا حاجة إلى سببية خارجية أو ميتافيزيقية. فهو يعترض على الإلهيين القائلين بضرورة التوقف عند أصل خارجي دون الاستمرار بالسلسلة إلى ما لا نهاية، أي ضرورة تجنب ما يُعرف لدى علماء الكونيات بـ "برج السلاحف"، حيث يقول: ‹‹اذا توقفنا ولم نمضِ أبعد من الإله، فلمَ الذهاب إلى هذا الحد أصلاً؟ لماذا لا نتوقف عند العالم المادي؟ عبر افتراض انه يحتوي داخله على مبدأ نظامه، فنحن نؤكد كذلك كونه إلهاً››[2].

فهنا ان التفسير الضمني لهيوم يجعل من ذات الكون المادي إلهاً، بمعنى انه لا حاجة للذهاب أكثر من ذلك عبر التوسل بالأسباب الخارجية الميتافيزيقية.

لقد انعكس هذا التصور الفلسفي، كما لدى هيوم، على الميتافيزيا المعاصرة، فهي تميل إلى جعل دائرة الأسباب والمسببات لا تخرج عن الحيز الكوني. وهو اعتراف ضمني بوجود سببية جوانية ذاتية. بمعنى ان من طبيعة المادة الكونية ان تُنتج الحوادث بتلقائية تامة دون حاجة لافتراض عوامل خارجية.

ويمكن تحديد هذه الشبهة بأنه إذا كان الزمان والمكان شرطين أساسيين للسببية، وفق مفهومها التجريبي، فإنه بحسب الفيزياء المعاصرة، لا الزمان ولا المكان كانا موجودين قبل نشأة الكون، وبالتالي لا معنى للحديث عن سببية ميتافيزيقية أدت إلى ايجاد الكون والنفخ في النار.

وتنطوي هذه الشبهة على ثلاثة أمور ليست مقنعة، أو أنها ليست موضع اتفاق، وهي بحسب التحليل كالتالي:

أولاً: انها تفترض السببية بالمعنى التجريبي، وهو ليس المعنى الوحيد، حيث يقابله المعنى العقلي الذي يخلو من شرط الزمان والمكان الطبيعيين.

ثانياً: ان الزمان الذي تتحدث عنه الشبهة هو الزمان الفيزيائي المختص بالحركات الطبيعية، في حين لا يقتصر مفهوم الزمان على هذا المعنى، ومن ذلك وجود الزمان الميتافيزيقي المرتبط بالوجود العام، ومنه الوجود الإلهي.

ثالثاً: إن اعتبار ما قبل الكون يخلو من المكان فضلاً عن الزمان هو أمر غير محسوم، وما زالت الفيزياء المعاصرة عاجزة عن ان توضح نشأة الأبعاد المكانية.

 

نظرية الكون المغلق

لقد اتخذ التفسير الضمني للانبثاق الكوني أشكالاً مختلفة للتعبير عن عدم الحاجة إلى العامل الخارجي، متكئاً في ذلك على نظرية الكوانتم مع استبعاد نظرية النسبية لاينشتاين، لكونها تقع في معضلات قاتلة عندما تواجه نقطة الانبثاق المُعبّر عنها بـ "المفردة الكونية Singularity"، فهي مصابة بداء اللانهايات، كما انه ليس بوسعها ان تبين كيف انبثقت المفردة من العدم المحض.

مع ذلك فإن بعض النظريات وظّفت النسبية ضمن حدود معينة للتخلص من مشكلة اللحظة الزمنية الأولى التي انبثق منها الكون اعتماداً على الزمن التخيلي وكونه يمثل - في الأصل - بُعداً مكانياً يضاف إلى الأبعاد الثلاثة، وذلك كعلاج يدخل ضمن بعض الحيل الخيالية والرياضية[3]. وهذا ما لجأت إليه اطروحة الفيزيائييْن هارتل وهوكنج Hartle–Hawking state، بالإضافة إلى استعانتها بالكوانتم للتخلص من محل المفردة ضمن مبدأ اللاتحدد لهايزنبرغ.

وتُعدّ هذه النظرية، إلى جانب أطروحة التراوح الكمومي للفضاء، من أبرز التفسيرات المطروحة اليوم لظاهرة الانبثاق الكوني.

فوفقاً لنظرية هارتل وهوكنج ان الكون حادث غير أزلي، لكنه نشأ من دون بداية محددة زماناً ومكاناً، فهو كالكرة يتصف بالتناهي بلا حد معين، فله أبعاد أربعة للمكان من دون زمن حقيقي، أو ان الزمن كان تخيلياً غير حقيقي. لذا فطبقاً لمبدأ اللاتحدد في ميكانيكا الكوانتم، وبالاستناد إلى الدالة الموجية، نشأ الكون من مجموعة احتمالات لمفردات أو نقاط كثيرة منبسطة؛ بلا مركزية محددة أو طرف محدد، وذلك كي لا يقال انه ها هنا بدأ النفخ في النار. فقوانين الكون آنذاك تعمل ذاتياً من الداخل دون حاجة إلى أي مؤثر خارجي.

ولا شك أن هذا التصور للكون المغلق يختلف عن نموذج أينشتاين، الذي صوّر الكون على هيئة أسطوانة تنغلق فيها الأبعاد الثلاثة، فيما الزمان يمتد كخط مستقيم. في حين انه لدى هارتل وهوكنج تنغلق الأبعاد الأربعة جميعاً وليس الثلاثة فقط، لتشكّل ما يشبه قاعدة أسطوانية لا تملك نقطة محددة للمفردة ولا لحظة زمنية للنشوء، على خلاف تصور أينشتاين الذي افترض للكون تاريخاً محدداً بدقة، دون الخضوع لمبدأ اللاتحدد وعدم اليقين[4].

ويعود هذا الخلاف في الأساس إلى تضارب المسلمات بين مذهب اينشتاين ومدرسة كوبنهاگن الكوانتية بزعامة نيلز بور[5].

وواضح ان الغرض من نظرية هارتل وهوكنج هو جعل الكون مغلقاً تماماً دون ان يحتاج إلى سببية مؤثرة من الخارج. فالكون في حد ذاته يبعث بالطاقة بلا حاجة للنفخ في النار، وذلك قبل ان تتبلور هندسة الزمان كما نألفه. فأول لحظة بدأ فيها الانفجار العظيم هي لحظة زمن بلانك (10-43ثانية)، وقبله لم يكن هناك زمن حقيقي ولا بداية محددة. بل ثمة فضاء رباعي الأبعاد مع مفردات غير قابلة للتحديد وفقاً لاحتمالات الكوانتم الخاصة بالدالة الموجية ومبدأ عدم اليقين.

هكذا اعتمدت نظرية هارتل وهوكنج على النسبية فتخلصت من الزمان بتحويله إلى بعد مكاني رابع، كما اعتمدت على الكوانتم في مبدأ اللاتحدد وعدم اليقين فتخلصت من تحديد المفردة. ولأجل ذلك استعانت بالرياضيات لتتقبل اللعب بمثل هذا الدور المصطنع، لكنها لا تعني شيئاً أمام الحقيقة الخارجية للمكان والزمان. وهي تعترف بأنها تمثل صياغة رياضية مفترضة لا تعبّر بالضرورة عن الواقع الموضوعي.

مع هذا فقد تجاهلت نظرية هارتل وهوكنج النظام الدقيق للكون، إذ كيف يمكن لحدث الإنفجار العظيم، وهو واحد غير متكرر، ان يصنع هذا النظام؟ هكذا بمحض الصدفة.

كما تضمنت هذه النظرية بعض المفارقات، فهي تعترف من جانب بحدوث الكون وانه ليس أزلياً، لكنها تتضمن من جانب آخر فكرة وجود أبعاد مكانية تمثل شرطاً لعدم تحديد المفردة فيها، وكأنها تجعل الأبعاد المكانية الأربعة ذات طبيعة أزلية، وإلا كيف أمكن لهذه الأبعاد ان توجد؟!

وعليه لم تكن هذه النظرية مقنعة من الناحية الفيزيائية، خصوصاً وان الأبعاد المكانية - فضلاً عن الزمان - تُعدّ من الظواهر الحادثة بحسب الفيزياء المعاصرة، سواء من منظور النسبية أو ميكانيكا الكوانتم. فبحسب النسبية ان المفردة هي الأصل الذي انبثقت منه الأبعاد المكانية والزمان. أما بحسب الكوانتم فلديها اعتقاد فلسفي بأن المكان والزمان قد انبثقا عن فقاعة كمومية أولية[6].

ونشير إلى ان هوكنج ظل مدة طويلة يعتقد بأن الزمن عكوسي، أي خاضع للانعكاس؛ حاله في ذلك حال الأبعاد المكانية، وهو ما بنى عليه النظرية السابقة في انغلاق الكون واستبعاد التأثير الميتافيزيقي، لكنه تخلى عن هذا الرأي استناداً إلى تأثره بقوانين الثرموداينميك التي تحتم عدم انعكاس الزمن[7].

كذلك انه تجاوز نظريته مع هارتل في الانغلاق الكوني التي استهدفت استبعاد العامل الخارجي الميتافيزيقي المؤثر في النشأة الكونية. فعلى الرغم من اعلانه بأنه ملحد لا يؤمن بالله صراحة عام 2014[8]، لكنه عاد ومال إلى دعم فكرة المصمم الذكي بعد سنة من هذا الاعلان، ونشرت الصحف عنه مفاجأته للأوساط العلمية لدى تصريحه بأنه يعتقد بوجود شيء من الذكاء يقف خلف صنع الكون[9].

وقد أثار هذا الاعتراف جدلاً في الأوساط العلمية والثقافية عن مغزى هذا التحول والانقلاب من الالحاد الى الإيمان في فكر هوكنج.

 

نظرية القفزة الكمومية

ان النظرية السائدة اليوم حول الانبثاق الكوني هي تلك القائمة على القفزة أو التراوح الكمومي، فهي لا تعول على الأبعاد الأربعة للمكان، ولا على عدم تحديد المفردة، مثلما افتعلته نظرية هارتل وهوكنج، بل انها تعتمد على الكوانتم في علاقة الفراغ بخلق الأشياء وضخ الطاقة ذاتياً. فالفضاء يمتلك القابلية على توليد الأشياء بفعل طاقته الكامنة من دون افتراضات خارجية، ومن خلاله يمكن تفسير الانبثاق الكوني.

فوفقاً للكوانتم افترض الفيزيائيون ان للفراغ قابلية ذاتية على التخليق والفناء من لا شيء، على شاكلة ما يحصل للعناصر الثقيلة المشعة من تحلل بلا سبب خارجي مفترض[10]. فعلى المستويات المجهرية ان الكون ساحة مضطربة ومشوشة، وان الفراغ زاخر بخلق الأشياء وافنائها تلقائياً. لذلك يُعبّر عنه بالفراغ الوهمي أو الزائف (false vacuum).

فهناك علاقة محددة بين الطاقة والفضاء يمكن ان يطبق عليها مبدأ اللاتحدد. فالفضاء مشحون بالطاقة، وهي تنبثق منه تلقائياً وفق هذا المبدأ. والعلاقة بينهما عكسية، فكلما ضاق الفضاء؛ كلما تعاظمت الطاقة، إلى درجة انه يمكن صنع ثقب أسود صغير بهذه العملية كما يرى البعض[11].

ومعلوم انه بحسب نظرية النسبية العامة، تكون الطاقة أو الكتلة الكلية للكون صفراً؛ طالما تتساوى القوة الجاذبة مع القوة الدافعة أو المعاكسة والتي تُعزى إلى طاقة الفراغ vacuum energy الضمنية، أو طاقة الثابت الكوني في الفراغ. حيث تعمل كل من القوتين على إلغاء أثر الأخرى، فتصبح الحصيلة النهائية صفراً.

أما نظرية الكوانتم فلها وجهة نظر أخرى مختلفة، فهي لا تنكر وجود القوتين المتضادتين والمتعادلتين، إحداهما موجبة داخل المادة، وأخرى مضادة تعادلها، وهي الطاقة السالبة الموجودة في مجال الجاذبية المتغلغلة في كل مكان، والنتيجة التي تسفر عنهما في مثل هذه الحالة هي الصفر. لكن تضيف إلى ذلك بأن الفراغ وفقاً لمبدأ اللاتحدد يبعث على تذبذب كمي مستمر لخلق الجسيمات وفنائها، والعملية في مثل هذه الحالة لا تؤثر على طاقة الكون الاجمالية، إلا انه قد تنجو بعض الجسيمات المنبثقة من الفراغ من دون ان تعود إلى الفناء مرة أخرى، وذلك بفعل هذا التذبذب الكمي، وهو ما يجعل فارق الطاقة بين القوتين المتضادتين ليس صفراً تماماً، رغم انه مقارب لهذه القيمة.

والنتيجة هي انه تم توظيف هذه العملية في تفسير نشأة الكون برمته، فهو يعود إلى تذبذب وجودي أدى إلى انبثاقه من لا شيء. ويعترف الفيزيائيون بأن هناك لغزاً يتعلق بمصدر وجود هذه الامكانية الكمية للطاقة في الفراغ الخاوي[12]. وبعبارة ميتافيزيائية: من أين أتت طاقة الفراغ وكيف؟

قد يكون لهذا الحديث علاقة بما تم اثباته من ان الفراغ لا يخلو من الطاقة وبعض الحقول المؤثرة، مثل الحقل الكهرومغناطيسي وتوليده للفوتونات الافتراضية، كالذي كشف عنه ما يُعرف بتأثير كازيمير Casimir effect؛ نسبة للفيزيائي الهولندي هندريك كازيمير Hendrik Casimir الذي تنبأ بهذا الحال عام 1948، ثم أثبتت بعض التجارب صحة هذا التأثير الضعيف، رغم اللغز الذي أحاط بطبيعة ماهية هذه الطاقة، فهل تعود إلى طاقة الثابت الكوني؟ أو إلى الطاقة المظلمة؟ وهل انها تبعث على التجاذب أم التنافر؟

لكن ما يظهر من التجارب، يفيد بأن هذه الطاقة ذات قوة جاذبة، ولنا حولها تفسير خاص استعرضناه في كتاب (انكماش الكون). وهي في جميع الأحوال ليست معنية بخلق الأشياء المادية ولا الانبثاق الكوني، بخلاف ما يصوره البعض أحياناً.

ومن وجهة نظر الفيزيائيين ان الانبثاق الكوني مرتهن بعلاقة الطاقة بالجسيمات المادية، فللطاقة قابلية على تخليق هذه الأخيرة. لكن ما يثير الانتباه هو ان هذه الجسيمات لا تتخلق إلا بهيئة أزواج متضادة، ومن ذلك ان للطاقة الضخمة على مستوى المسافات الضيقة قابلية على توليد هذه الأزواج التي تظهر وتختفي كما في حالة الثقوب السوداء والمفردة الكونية. ويتميز خلقها وفناؤها بسرعة عظيمة ضمن مدة ضئيلة؛ يقدرها البعض بأنها لا تزيد على زمن بلانك (10-43 ثانية). فسرعان ما تُفني هذه الأزواج بعضها للبعض الآخر فور التقائها، ما يجعلها تحرر طاقة كبيرة.

فعلى أساس هذه الحقيقة التجريبية التي أثبتت بأن للطاقة قابلية على خلق أزواج متضادة للمادة؛ افترض علماء الكون ان للفضاء الصرف قدرة ذاتية على خلق هذه الجسيمات. كما نسبوا إليه هذه القدرة الخَلقيّة - أيضاً - عندما يكون في حالة انكماش أو انحناء شديد، أي في حالات الاعوجاج والضيق الزمكاني."

وسميت هذه الجسيمات المنبثقة بالوهمية أو التقديرية أو الافتراضية virtual particles. والبعض رأى انها حقيقية بالفعل.

والشيء المثير للاهتمام، انه تمّ الاعلان عن اثبات هذه الجسيمات بعد ان تمكّن باحثون في جامعة مانشستر من رصد نشوئها، في كانون الثاني (يناير) عام 2022، فسُميت الظاهرة بتأثير شوينجر، نسبة إلى جوليان شوينجر Julian Schwinger الذي قام بتحديد دقيق للظروف التي يجب أن يظهر فيها نشوء هذه الجسيمات من الفراغ الصرف عام 1951[13].

هكذا تم تصوير الفضاء بأنه يعجّ بخلق هذه الجسيمات، وان عملية النشوء والفناء تجري بشكل ثابت ومستمر ضمنياً، شبيه بما يحصل مع ظاهرة انحلال العناصر الثقيلة المشعة، حيث يحدث الانحلال تلقائيًا وبمعدل ثابت يُعرف بـ "العمر النصفي"، أي نصف عدد الذرات خلال فترة زمنية معينة تختلف بحسب نوع العنصر. ويتم هذا الانحلال باستمرار دون أن يصل إلى انعدام الذرات كلياً[14]، ودون إمكانية التنبؤ مسبقًا بأيّ الذرات ستخضع للتحلل.

فعلى هذه الشاكلة اعتُبرت الحوادث الكمومية تتخلق تلقائياً من دون أسباب خارجية. وهو توصيف لما ينتاب الفضاء الكوني من تأرجحات احتمالية، حيث يتم انتاج الطاقة والجسيمات من الفراغ؛ بلا نفخ في النار، ولا سلحفة فائقة، أو سبب خارجي متأصل.

لقد تحدثت الكوانتم عن حالة من التعادل في خلق الجسيمات واختفائها. فالفضاء يخلق أزواجاً من الجسيمات المتضادة، وان بعضها يفني البعض الآخر ضمن ما يُعرف بالتقلبات الكمومية للفراغ quantum vacuum fluctuations، ويتولد بفعل هذه العملية طاقة كبيرة تعمل على مد الفضاء الخاوي باستمرار. وتجري الحالة دون زيادة ولا نقصان، فهناك ما يعرف بحفظ الطاقة عند التحول إلى المادة أو العكس، وفقاً لمعادلة اينشتاين الشهيرة (الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء). فالطاقة تولد مادة، والمادة تولد طاقة، وقد تعود الأخيرة إلى توليد المادة من جديد عندما تتهيء لها الفرصة المناسبة، وهكذا تدور العملية بما يشبه علاقة البيضة مع الدجاجة.

 

الكون الكمومي وخلق الأزواج المتضادة

يعود أصل اكتشاف فكرة الجسيمات المضادة إلى الفيزيائي البريطاني بول ديراك بداية ثلاثينات القرن الماضي. فقد بدأت القصة عندما حاول ديراك ان يعالج المشكلة المتعلقة بمعادلة شرودنجر الموجية، وأسفرت العملية في بداية الأمر عن ظهور مشكلة جديدة تتمثل في وجود طاقة سالبة للالكترون، لكن سرعان ما تبين بأن حالات هذه الطاقة هي سند عظيم للنظرية؛ لأنها أدت بعد تحليلات هذا الرياضي إلى تنبؤ ما سُمي في البداية بنظرية الثقوب، ثم اصُطلح عليها - فيما بعد – "جسيمات البوزيترون".

فعندما يتلاقى الالكترون والبوزيترون يختفي الالكترون في الثقب ويختفي الثقب أيضاً، لأن الالكترون ملأه، وهكذا يفنيان مع توليد طاقة اشعاعية كبيرة هي ما تُعرف بأشعة جاما[15].

لقد تمكّن ديراك من تفسير مفهوم الطاقة السالبة، وتوضيح آلية تحولها إلى طاقة موجبة، مع تحديد مقدار التحول اللازم بدقة. كما بيّن كيف يمكن للإلكترون، الكامن في الفراغ وغير المرئي، أن يغدو مرئياً، ويخلّف وراءه ثقباً موجَب الشحنة هو البوزيترون.

ورغم هذا التحول، تبقى الطاقة محفوظة لا تتغير، إذ لا مبرر فيزيائي لظهور جسيم، كالبوزيترون، من العدم. فإذا ما امتصّ الإلكترون فوتوناً يمتلك طاقة تعادل - على الأقل - ضعف كتلته، فإنه يتحول إلى إلكترون موجب الطاقة، ويترك خلفه ثقباً في الخلاء، يمثل غياب الطاقة السالبة والشحنة السالبة، وهو ما يتصرّف كما لو كان جسيمًا مشحونًا بشحنة موجبة وطاقة موجبة، أي البوزيترون[16].

وبلغة رياضية، فإن الانتقال من حالة الطاقة السالبة (-mc2) إلى الحالة الموجبة (+mc2) يتطلب ادخال طاقة مقدارها 2(mc2) . وتساوي بالنسبة للالكترون نحو واحد ميجا الكترون فولت.

وقد أثبتت التجارب أنه حين يصطدم فوتونان يمتلكان طاقة كافية، فسيتولد عنهما زوج من الإلكترون والبوزيترون. أي أن طاقة الفوتونات الكبيرة تتحول إلى قدر بسيط من المادة والمادة المضادة وفقًا لمعادلة آينشتاين الشهيرة (E=mc²). فكل من الإلكترون والبوزيترون هما جسيمان ناشئان عن طاقة خالصة.

ويحصل العكس أيضًا، فحين يتصادم الإلكترون مع نظيره البوزيترون، يُفني أحدهما الآخر، منتجين طاقة إشعاعية على شكل فوتونات، بقيمة 2(mc2)، وهو ما يمثّل انفجاراً إشعاعياً هائلاً في هيئة أشعة جاما المدمّرة[17].

ولحساب طاقة الفوتون، يُضرب مقدار حرارة الإشعاع بثابت "بولتزمان" الإحصائي، والذي تبلغ قيمته (0.00008617) إلكترون فولت لكل درجة حرارة كلفن. ولكي يكون الفوتون قادرًا على خلق جسيمات، يجب أن يمتلك طاقة تعادل - على الأقل - طاقة السكون للجسيم، وهي (mc²). وتقدر هذه الطاقة التي يمكنها تخليق جسيمي الكترون وبوزيترون بما يساوي (0.511003) مليون الكترون فولت، أي نصف ميجا إلكترون فولت تقريباً.

ولايجاد حرارة كافية لامتلاك هذه الطاقة فإنه وفق ذات المعادلة المذكورة يمكن تقسيم تلك الطاقة على ثابت بولتزمان المشار اليه، فيكون الناتج حوالي (6 مليار كلفن)، أي (5.93 × 910 كلفن)، أو ما يقارب (4 مليار درجة مئوية)[18]، وتُعرف بدرجة حرارة "عتبة الالكترونات" التي يمكن ان يتولد عندها وما فوقها أزواج الالكترونات والبوزيترونات تولداً حراً من اصطدام الفوتونات أو الطاقة الاشعاعية الخالصة[19].

وعليه افترض العلماء ان البوزيترون حين يكون في فضاء خال فإنه يكون مستقراً كالإلكترون، لكنه حين يمر عبر المادة فإنه يصطدم بأحد الكتروناتها فيُفني أحدهما الآخر، فتتولد عبر هذه العملية طاقة انفجارية على شكل أشعة جاما[20]. وتُعد هذه الأشعة - بحسب التصورات الفيزيائية الحديثة - من القوى التي عجّ بها الكون في بداية نشأته. ورغم ما تتمتع به من طاقة مدمرة، كما في انفجارات القنابل النووية، إلا أنها أسهمت - وفق تصوّر الفيزياء الحديثة - بصياغة البنية الدقيقة للكون ونظامه الراسخ

وهكذا فإن ما يجري في هذا العالم هو عملية متبادلة: تتحول فيها الطاقة إلى مادة مزدوجة، وتعود هذه المادة لتتحلل إلى طاقة. فإذا امتلكت فوتونات أشعة جاما طاقة كافية، أمكن لها أن تنشئ أزواجًا من الإلكترونات والبوزيترونات، في مشهد يتكرر عبر آليات الخلق والفناء في قلب الطبيعة.

لقد تم التأكد من معادلة ديراك التي تتنبأ بوجود الكترون موجب الشحنة (البوزيترون) من خلال ما لاحظه الفيزيائي الامريكي كارل اندرسون Carl Anderson في الأشعة الكونية. ومنذ ذلك الوقت تغيرت المفاهيم عن الجسيمات الأولية. إذ اكتشف اندرسون آثاراً لجسيمة موجبة اثناء مشاهداته الرائدة للأشعة الكونية عام 1932، وذلك من خلال تتبع مسار الجسيمات المشحونة أثناء حركتها في غرفة الضباب، وهي تصميم خاص تترك فيها الجسيمات ذيلاً شبيهاً بذلك الذي يتكثف عن الطائرات، ورأى ان بعضها ينتج مساراً ينحني بواسطة مجال مغناطيسي بالمقدار نفسه، مثل مسار الالكترون، لكن في الاتجاه المضاد، وقد صكّ له مصطلح (بوزيترون)، وحصل على هذا الاكتشاف جائزة نوبل[21].

ومن بعد ذلك شاع اكتشاف جسيمات مضادة أخرى ثبت وجودها. وبعضها تم توليدها لدى المعجلات (المصادمات) كمحاولة لفهم ما قد حصل لدى مرحلة ما بعد الانفجار العظيم بمدة قصيرة جداً.

فهناك بروتونات مضادة، وكواركات مضادة، ونيترينوات مضادة، بل وهناك ذرة هايدروجين مضادة أمكن تخليقها أو الكشف عنها لدى بعض المعجلات. ولو انه تم الكشف عن وجود ذرات هليوم مضادة لأفضى ذلك إلى الاعتقاد بوجود نجوم مضادة باعتبارها مصنوعة منها. وهو ما قد يفضي إلى الاعتقاد بأن كل شيء له مثيل مضاد، حتى بالنسبة لنا كأفراد، وهو ما يعتقده بعض الفيزيائيين بالفعل، استناداً إلى ما يُعرف بـ "قطة شرودنجر Schrödinger's cat".

وطبقًا لهذه الاكتشافات، فُرض أن كوننا قد نشأ بفعل الانفجارات الناتجة عن تصادم الجسيمات المتضادة في اللحظات الأولى لنشأة الكون. فبعد حدوث الانفجار العظيم لأسباب ما زالت مجهولة، انطلقت طاقة هائلة كانت كافية لتوليد جسيمات ومضاداتها، والتي سرعان ما بدأ بعضها يُفني البعض الآخر، مولّدة طاقة كبيرة بفعل هذا الإفناء المتبادل بين الأزواج المتضادة. وقد تم التأكد من صحة هذه الظاهرة في التجارب التي أجريت ضمن المعجّلات الحديثة. لكن المثير للدهشة لدى الفيزيائيين هو أن المفترض - بحسب الحسابات - أن هذا التفاعل كان يجب أن يؤدي إلى تدمير كامل للمادة ومضاداتها، مما يعني اختفاء كل أثر للمادة، وبالتالي استحالة نشوء الكون، فضلاً عن نشأة الحياة. أو أن تبقى عملية التبادل بين الطاقة وأزواج المادة المتضادة دائرة بلا نهاية، مما ينفي إمكانية انبثاق كوني محدد البداية.

وإلى يومنا هذا لا يُعرف سبب انتصار المادة على غريمتها المضادة، وهي المشكلة المعبّر عنها بخرق تناظر الشحنة السوية charge-parity violation.

فوفقاً للحسابات الرياضية يُفترض ان تكون المادة قد انتصرت على مضادتها خلال الثواني الأولى لنشأة الكون[22]، وهي أعظم هدية كونية تم تقديمها لنا ككائنات حية. فهناك شيء من الزيادة في المادة أكثر مما هو في المادة المضادة، وبدونها لما نشأت الحياة ولا الكون، وتُقدر بنسبة طفيفة نجت من عملية التدمير الكلي، وشكّلت الأساس الذي تخلّق منه الكون، فيما اختفت المادة المضادة تماماً خلال تلك الثواني القليلة.

فعند الزمن الذي كانت حرارته عشرة آلاف مليار درجة كلفن (1013)، وهي درجة حرارة العتبة للبروتونات والنيترونات، كان الكون يحتوي على عدد كبير من الجسيمات النووية ومضاداتها. فهناك بعض التقديرات لنسب المادة عند نشأة الكون، حيث ان كل بروتون واحد أو نيوترون واحد يقابل مليار الكترون أو بوزيترون أو نترينو أو فوتون[23]. وفي تقدير أحدث ان البروتون الواحد يقابل عشرة مليارات فوتون[24]. ومن هذه النسبة البسيطة للبروتونات وما شاكلها من الباريونات وعموم الفرميونات تخلّق كوننا وحياتنا الغنية. فنسب هذه الجسيمات ومضاداتها كانت متساوية تقريباً سوى زيادة طفيفة جداً.

فهناك مليار وواحد باريون مقابل مليار باريون مضاد، أو ان كل مليار من المادة المضادة يقابله مليار وواحد للمادة. فبعد فناء الجسيمات النووية ومضاداتها عند هبوط درجة الحرارة، لم يبقَ إلا ذلك الشيء البسيط، وهو نسبة الواحد من المليار التي تشكلت منها أنوية الذرات المعقدة؛ ابتداءاً من الهايدروجين. وبذلك نجت المادة التي تَخلّق منها كوننا المشهود دون ان تفنى وتتلاشى مثلما فُنيت المادة المضادة[25].

وما زالت هذه الزيادة المفترضة مجهولة التفسير دون ان تتمكن المعجلات من حل لغزها. فتخليق المادة لا يكون إلا ومعه تخليق المادة المضادة، وبالقدر نفسه دون زيادة ولا نقصان.

لذلك فإن بعض الفلكيين الفيزيائيين حاول ان يفسّر غياب المادة المضادة بافتراض تمكن المادة ومضادتها من الانفصال عن بعضهما البعض إلى مجالات واسعة لتشكّل كل منهما عالمها الخاص، وبالتالي لا يمتنع ان تكون ثمة مجرات مؤلفة من المادة المضادة.

لكن هذا التفسير لم يكن مقبولاً من قبل الفيزيائيين؛ لخلوه من أي آلية رياضية مقنعة للفصل بين المادتين[26].

كما طُرحت مقترحات عديدة، خلال عقود، تذهب إلى وجود قوة خفية عملت على فصل المادة عن مضادتها. وأبسط نماذج هذه المقترحات هي تلك التي انبثقت عن نظرية المجال الموحد، كما يلاحظ لدى نظرية التوحيد العظمى التي تأسست عليها فكرة عدم التوازن الذي أفضى إلى الاختلاف الضئيل الحاصل بين المادة ومضادتها، فهي فكرة قائمة على خرق متزامن لمبدأي الحفاظ على التماثل والشحنة، وبسبب هذا الخرق تم اقتراح ان بدء الزمان شهد زيادة طفيفة في المادة بالنسبة لمضادتها[27].

وهذا الافتراض لا تدل عليه تجارب المعجلات في تحويل الطاقة إلى مادة، ولِمَ غابت المادة المضادة كلياً من دون أثر؟

ومن حيث التقديرات الكمية، خلّف الانفجار العظيم (1050 طن) من المادة، دون ان يخلّف ما يكافئ هذا القدر من المادة المضادة. وهو القدر المتبقي للنسبة الضئيلة والتي تعادل (10-9) جسيم. فعند فناء معظم المادة مع جميع المادة المضادة، بقيت هذه الكمية اليسيرة مقارنة بما تمّ فناؤه. وبفعل هذه الإبادة الجماعية تخلّقت أشعة جاما المدمرة التي ملأت الفضاء قبل ان تتحرر وتصل الينا بهيئة فوتونات مايكروية، وذلك بعد ان فقدت أغلب طاقتها. فهذا الاشعاع هو بقايا احفورية خافتة من الإبادة الجماعية التي أستأصلت المادة ومضادتها. وبذلك تُعتبر المادة نتاجاً ثانوياً لعملية الخلق؛ لكنها مع ذلك كانت ضرورة حيوية لنشأة الحياة واستمرارها[28].

عدّ المادة مجرّد نتاج ثانوي لعملية الخلق، لكنها مع ذلك كانت ضرورة حيوية لنشأة الحياة واستمرارها.

 

الثابت الكوني ونشأة الكون

إن أغرب ما في الاكتشافات الفيزيائية هو ان الكون بدأ بتضخم هائل بفعل طاقة كبيرة معاكسة للجاذبية، هي ما تُعرف بالثابت الكوني cosmological constant الذي سبق ان افترضه اينشتاين لحل مشكلة التوازن عندما تصور الكون ساكناً، وحين علمَ ان الكون يتسع اعتقد انه وقع في خطأ فادح لدى إضافته هذا الثابت. واليوم يعتقد الفيزيائيون ان اينشتاين لم يكن مخطئاً من حيث المبدأ، فوجود هذا الثابت ضروري للغاية، فهو الذي يبرر حالة ما حصل من تضخم كوني مندفع بقوة هائلة تفوق ثقل الجاذبية، لكن لم يُعرف سر وجود هذه الطاقة في زمن لم يكن فيه أدنى فضاء.

ليس من السهل اعتبار هذه الطاقة هي ذاتها الطاقة المظلمة، كما يشار إلى ذلك أحياناً مع الاعتراف بشيء من الغموض. فقد برز مفعول الأخيرة بعد مليارات السنين من عمر الكون، أي بعد ان أخذ الكون يتباطأ مدة طويلة قبل ان يعود إلى التسارع في الاتساع ثانية بسبب هذه الطاقة. ويُقدر انها تغلبت على جاذبية المادة منذ حوالي (5ـ6) مليار سنة مضت. لذلك تم تحديدها بأنها تزداد مع ازدياد حجم الفضاء.

مع هذا فهناك شيء من الغموض يتعلق بوجود طاقتين لا يُعرف إن كانتا متميزتين أم تعبران عن طاقة واحدة، وهما كما عرفنا: طاقة الثابت الكوني والطاقة المظلمة. وكلاهما قد ساهم في عملية التوسع. إذ تكفلت الأولى بوظيفة التضخم الأولي، حيث انها المسؤولة عن التمدد الكوني عبر الانفجار العظيم، لذلك فهي تناسب الثابت الكوني الذي وضعه اينشتاين قبل ان يتخلى عنه نهائياً.

فالمعتقد السائد اليوم هو ان المفردة الكونية قد اختزنت طاقة هائلة هي ما دفعت إلى التمدد، وإلى تكوين الجسيمات والأشعة، وكلها آتية من الفراغ مجاناً، لكن التضخم محى آثار ما كانت عليه البداية، كالذي تصوره نظرية الآن جوث Alan Guth في التضخم الكوني مطلع ثمانينات القرن الماضي. فبعد مرحلة الانتفاخ القصيرة الأجل تحولت الطاقة المخزنة في الفضاء الخاوي إلى طاقة اشعاع وجسيمات متضادة.

الطاقة المظلمة وتمدد الكون

مثلما تكفّل الثابت الكوني بنشأة الكون البدئي؛ فإن الطاقة المظلمة قد تكفلت بتسريع تمدد الكون فيما بعد، وبدأ أثرها الغالب يظهر بعد ما لا يقل عن ثماني مليارات سنة من نشأة الكون، وأخذ مفعولها يزداد باضطراد عبر الزمن. لذلك اعتقد الفيزيائيون بأن التمدد الكوني يضخ طاقة في الفضاء، مثلما ان هذه الطاقة قد عملت بدورها على التوسع، ويعزى لها ما سينتهي إليه الكون من تمزق وتشتت في المستقبل بلا أثر تقريباً. وهو ما يجعل مآل العلاقة بين قوتي الجاذبية الموجبة والسالبة غير صفرياً تماماً.

وفي دراسة حديثة حول الطاقة المظلمة قام بها باحثان من أكاديمية أثينا باليونان، هما سبايروس باسيليكوس Spyros Basilakos وسولا Sola، وجدا ان هذه الطاقة تحاكي - من حيث المعادلات الرياضية - حقل قوة خامسة، أو حتى حقل شبح طيفي، لكن المشاهدات الفلكية جعلتهما يعترفان بأن ما قدّماه عبارة عن وهم وسراب. لذا اقترحا فكرة بديلة هي أن الطاقة المظلمة تعد نوعاً من طاقة الفراغ الكمي الديناميكي، بما يختلف عن الثابت الكوني لاينشتاين والذي يصف كثافة طاقة الفراغ الساكن[29].

وقد لا تختلف طاقة الفراغ الكمي الديناميكي المشار إليها عن طاقة الجسيمات التقديرية. ومن المعلوم ان العديد من الفيزيائيين يفترضون بأن الطاقة المظلمة هي نتاج جسيمات شوينجر التي تُخلق وتُفنى بسرعة.

لكن من حيث النقد، يلاحظ ان الطاقة التي تنتجه هذه الجسيمات ضعيفة لا تقارن بكمية الطاقة المظلمة، لذلك من الصعب الربط بينهما سببياً.

كما ان السؤال المطروح بهذا الصدد: لماذا لم تتهيء فرصة توليد الطاقة المظلمة على يد هذه الجسيمات بداية الكون، رغم انها كانت متوفرة بكثرة رهيبة؟

هذا بالإضافة إلى انه لا يمكن للجسيمات المذكورة ان تتولد من دون طاقة سابقة، فما هو نوع هذه الطاقة التي تعمل على خلقها؟ فلو أنها تعود إلى الطاقة المظلمة لوقعنا في الدور، أما لو كانت هي ذاتها طاقة الثابت الكوني؛ لكانت الأخيرة مختلفة عن الطاقة المظلمة. وبلا شك ما زالت هذه الأمور تعتبر غامضة لدى علماء الكون والفيزيائيين من دون حل شاف ونهائي.

وأهم ما في الموضوع هو اعتقاد الفيزيائيين بأن الفضاء الفارغ - الذي يدفع بالكون نحو التضخم بفعل طاقته الرهيبة - هو شيء موجود، وله صفات فيزيائية محددة. وهو ليس بفارغ ولا بعدم، كما قد يبدو للبعض. فهو يعجّ بطاقة ضخمة يُعزى لها هذا الدور الخلاق. وبحسب الكوانتم فإن الفضاء الخالي يحوي طاقة تولّد حقولاً ثقالية، والطاقة بدورها تتأثر بهذه الحقول ولها مفعولات هامة على توسع الكون[30].

لكن وفقاً لحسابات الكوانتم الرياضية، فإن قدر كمية الطاقة في سنتمتر مكعب واحد هو أكثر من طاقة مادة الكون المعروفة كلها بما يفوق الخيال. وهي تفوق ما قدّره علماء الكونيات خلال مشاهدة المستعرات العظمى واشعاع الخلفية الكونية بفارق قدره (10120) لكل سم مكعب[31]. وفي تقدير آخر انها عند تحويلها إلى كتلة فستعادل (1093 غرام) لكل سم مكعب[32].

وبلا شك ان هذا القدر العظيم لم يقنع الفيزيائيين، واعتُبر أكبر فشل في الفيزياء النظرية. فهذه الكمية الضخمة جعلت بعضهم يعتقد بأن هذا البحر اللانهائي للطاقة هو مجرد وهم ناشئ عن خطأ يعود إلى حسابات علماء فيزياء الجسيمات ضمن تطبيقهم الصيغ الرياضية لنظرية الكم[33]. ولو كان هذا الحال حقيقة، لكان التنافر الكوني فضيعاً، ولما كان بالامكان ان يُخلق شيء بالمرة. وهي المسماة بمشكلة الثابت الكوني، وما زالت بغير حل[34].

القفزة الكونية من لا شيء!

لقد استندت نظرية القفزة الكمومية إلى ما سبق طرحه في إطار ميكانيكا الكوانتم، إذ افترضت أن الكون نشأ كتراوح كمومي دقيق، أو كرغوة كمومية أشبه برغوة فنجان القهوة، وهي ما أطلق عليه جون ويلر اسم "زبد الزمكان Spacetime foam". وقد اندفع هذا الكون من العدم إلى حيّز الواقع، أو من الفضاء الصرف إلى عالم الوجود، على نحوٍ يُشبه ما يحدث في حالة الجسيمات الافتراضية أو التقديرية.

فلقد تقبل الفيزيائيون ما يحصل من غرائب في العالم الجسيمي، وهم يعتبرون هذه الغرائب قابلة للحدوث في عالمنا الكبير لولا ضآلة ثابت بلانك[35]. فالاحتمالات الواردة في التغيير المكاني، أو الانفجار المفاجئ، وفقاً للتقدير الفيزيائي هو ضئيل للغاية بما يقارب الصفر. فهذا ما يمنع حدوث غرائب ذات آثار ضخمة في عالمنا الكبير، ولولا ذلك لأصبح كل شيء مستعداً للتحول والتغير فجأة من دون سبب جلي ظاهر. فلو ان ثابت بلانك كان كبيراً لازداد الزخم والطاقة وفقاً للمعادلة الرياضية التي تربط بينهما، فالزخم (p) يساوي ثابت بلانك (h) مضروباً في التردد (f) على سرعة الضوء (c)، بمعنى ان الزخم يزداد عند زيادة ثابت بلانك. ومثل ذلك تزداد الطاقة (e)، إذ تساوي ثابت بلانك (h) مضروباً في سرعة الضوء (c) على الطول الموجي (l). وبحسب الصيغة الرياضية فإن:

P = hf/c

e = hc/l

لكن حيث ان ثابت بلانك (h) ضئيل للغاية، فهو يمنع ان تحدث فوضى التأثيرات السببية، وبالتالي فالاحتمال المتعلق بهذه الغرائب هو في غاية الضآلة، لكنه ليس صفراً رياضياً[36].

أما في العالم الجسيمي فكل شيء ممكن الحدوث، فمن الجائز ان تنبعث طاقة كبيرة من الفضاء الصرف الضيق النطاق فجأة من دون سبب محدد. ويمكن ان يقال في هذه الحالة، إن خلق الطاقة يحدث من لا شيء. فوجود الفضاء الهندسي الصرف هو في حد ذاته يبعث على اصدار هذه الطاقة فجأة بلا نسق ولا نظام، رغم عدم وجود دليل يثبت ذلك.

هكذا افترض الفيزيائيون النظريون ان نشأة الكون قد بدأت بفعل قفزة كمومية من لا شيء. ويُقصد باللاشيء بأنه صرف متصل من المكان والزمان بدون مادة ولا طاقة. فالكون بحسب هذا الافتراض اندفع برمته من الفضاء الهندسي المحض إلى الوجود.

وتعود هذه الفكرة إلى أيام الحرب العالمية الثانية، كما ذكرها الفيزيائي الروسي جورج گامو George Gamow ناقلاً المقترح عن الفيزيائي الالماني باسكوال جوردان Pascual Jordan، حيث تساءل الأخير: ما الذي يمنع حدوث قفزة كمومية إلى نجم كامل متفجر؟

وفي عام 1973 قدّم الفيزيائي ترايون Tryon اقتراحاً مفاده ان الكون بأسره قد خُلق من متصل مكاني زماني محض بفعل قفزة كمومية حولت الفراغ إلى مادة وطاقة. فالكون مجرد اضطراب في الفراغ[37]، أو ان الانفجار العظيم يمثل – حسب هذا المعنى - تموجاً فراغياً. وأي كون جديد انما ينشأ بهذه الطريقة التموجية.

وبحسب الفيزيائي النظري جون جريبين John Gribbin، قد يكون الكون وكل شيء عبارة عن تموجات تسمح لتجمعات الجسيمات ان تندفع بشدة من لا شيء، وتعيش لفترة ثم يعاد امتصاصها ثانية داخل الفراغ[38].

وظهرت على أثر محاولة ترايون في التراوحات الكمومية أفكار تفريعية عديدة. ففي عام 1978 اقترح أربعة فيزيائيين بلجيكيين فكرة خلق جسيمين ثقيلين متضادين قد حفزا على انتاج جسيمات أخرى للمادة. وفي عام 1981 طرح بعض الفيزيائيين افتراض ان يكون الكون قد بدأ ليس بتخليق زوج من الجسيمات المتضادة، بل بتغير مفاجئ في خاصية أبعاد المكان، حيث كان له عدد كبير من الأبعاد، ثم حدث "تبلّر" مفاجئ في عشرة أبعاد، كما في نظرية الأوتار الفائقة. وفي عام 1983 اقترح بعض آخر بأن الكون كان في أصله فوضى غير قابلة للتحديد[39].

وخلال السنوات الماضية الأخيرة - وبالتحديد عام 2012 - أعاد الفيزيائي الكندي لورانس كراوس Lawrence Krauss ما سبق طرحه حول انبثاق الطاقة، ومن ثم الأشياء، من الفضاء المكاني الصرف، وذلك في كتابه (كون من لا شيء A Universe from Nothing).

وتمثل جميع النظريات السابقة خرقاً مفضوحاً لقوانين النسبية العامة، طالما تقوم على زمكان منكوفسكي Minkowski spacetime الخالي من الأشياء والجاذبية.

كما وانها جميعاً تسلّم بوجود شيء ما سلفاً، سواء كان متصلاً زمكانياً، أو فقاعة قبل تضخمها، أو مفردة نهائية، أو ما شاكل ذلك.

وعليه فإن جميع هذه النظريات تظل ناقصة، إذ لم تقدّم تفسيراً كافياً لمصدر ذلك الشيء المسلَّم به ابتداءً. فإن كان هذا "الشيء" فقاعة كمومية، فمن أين نشأت؟ وإن كان فضاءً أو متصلاً زمكانياً، فما منشؤه؟ وكيف ظهر؟ ثم ما مصدر الطاقة الهائلة التي يفترض أنه يحملها؟

وكما هو معلوم، تعتقد ميكانيكا الكوانتم أن الاتصال المكاني الزماني قد انبثق من فقاعة كمومية، لكن يظل السؤال قائماً: ما طبيعة هذه الفقاعة التي أنشأت المكان والزمان وسائر الكائنات؟ وما أصلها؟ أليست هذه الفقاعة نفسها تقتضي وجود أبعاد مكانية ليتسنى لها التمدد والظهور؟ وهذا ما يُعيدنا إلى نقطة البدء دون إجابة حاسمة.

وإلى جانب ذلك، ظهرت بعض التصوّرات النظرية المستمدة من الجاذبية الكمومية، والتي تفترض أن الزمكان ذاته قد يتحوّل إلى كتلة هائجة من الفقاعات والأنفاق الكمومية التي تثب إلى الوجود ثم تختفي، وذلك ضمن فواصل زمنية تقارب زمن بلانك (10⁻⁴³ ثانية) [40]، استناداً إلى مبدأ عدم اليقين، وقياساً على ما تم افتراضه بالنسبة لجسيمات شوينجر التي تظهر وتختفي باستمرار ضمن حالة ضيقة يُعبّر عنه بـ"اللامكان"، كالذي يتوقع حدوثه لدى مفردات الثقوب السوداء. ومثلما يمكن لبعض الجسيمات ان تنجو من الفناء، فكذا يمكن ان تنجو فقاعة زمكانية فتنتفخ فجأة كالبالون، وهو حال ما يفسر عملية التضخم الكوني خلال جزء ضئيل من الثانية من عمر الكون.

هكذا تبدي النظرية الكمومية للجاذبية من امكانية حصول كل شيء من لا شيء، فهي تطبق قوانين الكوانتم على الفضاء، ولا تكتفي بتطبيقها على الجسيمات مثلما تفعل ميكانيكا الكوانتم التقليدية. وبذلك يكون الكون بأكمله فضاءاً وأجساماً قد انبثق من "اللامكان" والعدم.

وقد لخّص الفيزيائي آلان جوث هذا المنحى الغريب بقوله: ‹‹دائماً يقال ان ليس ثمة وليمة مجانية، مع ذلك فإن الكون وجبة مجانية››[41].

وهنا يرتكب عدد من الفيزيائيين بعض المغالطات، حيث يتصورون ان حالات وثب الجسيمات انما تحدث بشكل مناقض لمبدأ السببية العامة القائل بأن لكل حادثة سبباً ما. وعلى ذلك أضافوا بأن الزمكان يظهر ويفنى تلقائياً من دون سبب، وأن كمّيّة من الفضاء قد تبرز فجأة في موضع لا يوجد فيه شيء مسبقاً، وهو تعبير عن ظهور الزمكان من لا شيء مطلقاً، أو انه عبارة عن توثب كمومي من غير سبب[42].

ويعود أصل المغالطة إلى استنتاجات تتعلق بموقف نظرية الكوانتم من سلوك الجسيم غير القابل للتحديد، كالذي اعتمد عليه الفيزيائي النظري بول ديفيز Paul Davies. فقد أخطأ في تصوره بأن العالم الجسيمي وفقاً لنظرية الكوانتم يدحض مبدأ (ان لكل حادثة سبباً). واستشهد بحالات كلها تناط بمبدأ الحتمية وليس السببية العامة. وينطبق الحال المذكور حتى مع وثبات الجسيمات الافتراضية عند "اللامكان"، أو الفضاء الخالي المعوج، أي ذي الجاذبية القوية، كما في الثقوب السوداء[43].

والأغرب من ذلك ثمة تلميح لبعض الفيزيائيين - كما يذكر بول ديفيز - بأن الزمكان جرت معالجته كحقل تجمد خارج حساء بدائي من عناصر قبل هندسية، وهكذا كانت كل القوى الطبيعية الأوسع في ذلك العصر الأسمى غير قابلة للتمييز، حيث لم يتبلور الزمكان بشكل متماسك بعد، وكان الكون آنذاك عبارة عن مجموعة مكونات من المادة الخام البسيطة للغاية؛ وهي التي صنع الإله من خلالها كلاً من المادة والفضاء والزمان[44].


[1]    حول السببية الاعتقادية انظر: السببية الاعتقادية وقضايا المعرفة، موقع فلسفة العلم والفهم.

[2]    بول دافيز: الله والفيزياء الحديثة، ترجمة هالة العوري، مؤسسة صفحات للنشر والتوزيع، سوريا، 2013م، ص53.

[3]    انظر التفاصيل المتعلقة بالحيل الخيالية والرياضية في: منهج العلم والفهم الديني.

[4]    انظر: ستيفن هوكنج: الكون في قشرة جوز، ترجمة مصطفى ابراهيم فهمي، سلسلة عالم المعرفة (291)، الكويت، 2003م، ص82ـ83 و128، عن الموقع الإلكتروني: www.4shared.com. والتصميم العظيم، مصدر سابق، ص164.

[5]    للتفصيل انظر: منهج العلم والفهم الديني.

[6]    ﻓﺮاﻧﻚ ﻛﻠﻮس: العدم، ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻓﺎﻳﻘﺔ ﺟﺮﺟﺲ ﺣﻨﺎ، ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺘﺤﻲ خضر، مؤسسة هنداوي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2014م، ص130.

[7]    علم الكونيات، ص119ـ120.

[8]    انظر:http://www.nbcnews.com/science/space/im-atheist-stephen-hawking-god-space-travel-n210076

[9]    انظر:http://www.uncommondescent.com/intelligent-design/stephen-hawking-says-intelligent-design-of-the-universe-is-highly-probable/

[10] رغم أن ظاهرة التحلل التلقائي للعناصر الثقيلة معللة، فهي تُعزى إلى عدم استقرار أنوية ذرات هذه العناصر بسبب احتوائها على عدد كبير جداً من البروتونات والنيوترونات. وهذا ما يجعل النواة غير مستقرة، فتسعى تلقائياً إلى الوصول إلى حالة أكثر استقراراً عن طريق التحلل الإشعاعي Radioactive decay.

[11]   انظر: برايان غرين: الكون الأنيق، مصدر سابق، ص175 و291ـ292.

[12]   العدم، ص136.

[13]   Ethan Siegel, 70-year-old quantum prediction comes true, as something is created from nothing, september 13, 2022. Look:https://bigthink.com/starts-with-a-bang/something-from-nothing/?fbclid=IwAR2OEbwbGKLnsxtK1ceUlZi-Gj5jAtOsc5dF6Ur93XjDW99RZCKKR-GLCuI

[14]   جون جريبين: البحث عن قطة شرودنجر، ترجمة فتح الله الشيخ واحمد عبد الله السماحي، كلمة وكلمات عربية للنشر، الطبعة الثانية، 1431هـ ـ 2010م، ص78.

[15]   قصة الفيزياء، ص299.

[16]   المصدر السابق، ص299.

[17]   البحث عن قطة شرودنجر، ص144ـ147.

[18]   Hells yeah, Are there physical limits in the universe other than the speed of light?, 2010. Look: http://www.askamathematician.com/2010/03/q-are-there-physical-limits-in-the-universe-other-than-the-speed-of-light/ 

[19]   ستيفن واينبرغ: الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون، ترجمة محمد وائل الأتاسي، نشر وزارة الثقافة السورية، الطبعة الأولى، 1986م، ص94ـ95، عن مكتبة الموقع الإلكتروني: www.4shared.com.

[20]   قصة الفيزياء، ص330.

[21]   البحث عن قطة شرودنجر، ص146.

[22]   ﻧﻴﻞ دﻳﺠﺮاس ﺗﺎﻳﺴﻮن ودوﻧﺎﻟﺪ ﺟﻮﻟﺪﺳﻤﻴﺚ: البدايات، ترجمة محمد فتحي خضر، كلمات للترجمة والنشر، مصر، الطبعة الأولى، 2014م، ص31 و39.

[23]   الدقائق الثلاث الأولى، ص15.

[24]   بيتر ﻛﻮﻟﺰ: علم الكونيات، ترجمة محمد فتحي خضر، مؤسسة هنداوي، القاهرة، الطبعة الأولى، 2015م، ص68.

[25]   الدقائق الثلاث الأولى، ص109 و110.

[26]   بول دافيز: الله والفيزياء الحديثة، مصدر سابق، ص43.

[27]   ميشيو كاكو وجنيفر ترينر: ما بعد أينشتاين، ترجمة فايز فوق العادة، مراجعة محمد دبس، اكاديميا انترناشيونال، بيروت، الطبعة الأولى، 1991م، ص207.

[28]   بول ديفيز: الجائزة الكونية الكبرى، ترجمة محمد فتحي خضر، مراجعة حسام بيومي محمود، كلمات عربية للترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 2012م، ص148ـ149.

[29]   Mike Wall, Does Dark Energy Spring From the 'Quantum Vacuum?', March 27, 2014. Look:

http://www.space.com/25238-dark-energy-quantum-vacuum-theory.html

[30]   ستيفن وانبرغ: أحلام الفيزيائيين، ترجمة أدهم السمان، دار طلاس، الطبعة الثانية، 2006م، ص176، عن الموقع الإلكتروني: www.4shared.com.

[31]   البدايات، ص82.

[32]   الجائزة الكونية، ص201.

[33]   منهج العلم والفهم الديني.

[34]   لورانس كراوس: كون من لا شيء، مع تعليق ريتشارد دوكينز، ترجمة غادة الحلواني، منشورات الرمل، مصر، الطبعة الأولى، 2015، ، ص108ـ109، عن مكتبة الموقع الالكتروني طريق العلم: http://www.books4arab.com/2016/03/pdf_40.html

[35]   ان قيمة ثابت بلانك تساوي: 6,6262 × 10-34 جول على الثانية، أو كيلو غرام متر مربع على الثانية.

[36]   انظر: منهج العلم والفهم الديني.

[37]   ما بعد اينشتاين، ص210ـ211.

[38]   البحث عن قطة شرودنجر، ص191ـ193 و292ـ294.

[39]   ريتشارد موريس: حافة العلم: عبور الحد من الفيزياء إلى الميتافيزيقا، ترجمة مصطفى ابراهيم فهمي، اصدارات المجمع الثقافي، ابو ظبي، ص182ـ183، عن الموقع الإلكتروني: www.4shared.com.

[40]   علم الكونيات، ص117.

[41]   الله والفيزياء الحديثة، ص252ـ253.

[42]   المصدر السابق، ص252ـ253.

[43]   المصدر نفسه، ص49ـ50.

[44]   المصدر نفسه، ص191.

comments powered by Disqus