-
ع
+

ما هو أعظم من الأكوان اللامتناهية! (نشأة الحياة ومشكلة الحسابات الرياضية)

يحيى محمد

لقد سعى علماء الأحياء، منذ عهد داروين وحتى يومنا هذا، إلى تطبيق معيار الطبيعانية على أرضية تتسم بتعقيد معلوماتي هائل، غير أن جميع محاولاتهم لم تفضِ إلى نتائج مرضية. ففي الكائنات الحيّة تتكاثر الشفرات المعلوماتية ذات الدلالات الغائية الدقيقة، حتى بدت كأنها مكتبة ضخمة تزخر بالكلمات والنصوص الهادفة؛ حيث تُرسِل كل شفرة رسائل مضبوطة إلى "الكتاب الحي" المختص بها.

فالفيروس الصغير، على سبيل المثال، يحمل عادةً رسالة مكوّنة من نحو ستة آلاف قاعدة نايتروجينية، مكتوبة بأربعة أحرف فقط. وفي المقابل، يحتوي الجينوم البشري على كتاب تعليمات مذهل، يتألف من أكثر من ثلاثة مليارات قاعدة نايتروجينية موزعة على ثلاثة وعشرين زوجاً من الكروموسومات، وهي كمية معلوماتية يمكن أن تملأ مكتبة عامرة بآلاف الكتب المتخصصة في التعليمات الخلوية المختلفة.

أما تسلسل الحمض النووي DNA، فيخزّن أكثر من مائة مليون تسلسل جيني، تعود إلى نحو (260) ألف نوع، وفق قواعد البيانات العامة[1]. ومن بين هذه التسلسلات، هناك ما يقارب عشرين ألف جين مخصّص لتشفير البروتينات.

كما أن الخلية البشرية الواحدة تحتوي على ما يقارب مليار جزيء بروتيني ينتمي إلى نحو عشرة آلاف نوع مختلف[2].

بل إن أبسط خلية حية تحوي ما يقارب (42) مليون جزيء بروتيني[3].

ولا يقف الأمر عند هذا الحد؛ فحتى أبسط البروتينات قد يتكوّن من نحو ألفي ذرة تشكّل تركيباً ثلاثيّ الأبعاد بالغ الدقة، بحيث تتموضع كل ذرة في موقعها المحدد بدقة فائقة[4]. وتُعرف هذه العملية بطيّ البروتين، وهي من أعجب ما أثار دهشة العلماء في العصر الحديث، إذ كيف يمكن لتخطيط خطّي - أحادي البُعد - كما تختزنه الجينات، أن يصنع بروتيناً ذا بنية ثلاثية الأبعاد؟! كيف يُنجز ذلك من دون توجيه خارجي؟

إنها عملية معقدة ودقيقة في تنظيم التوزيع المكاني لآلاف الذرات، وقد عُدّت من أعظم الاكتشافات العلمية في القرن العشرين[5]. وهي عملية تفضي إلى خلق الكائن الحي، وخلالها يجري تبادل دائم لإشارات التنظيم داخل الخلايا، بغية ضبط وتأمين عشرات الآلاف من التفاعلات الكيميائية الحيوية[6]. وكل ذلك لا يكون إلا بفضل الخزين المعلوماتي الهائل الذي يحمله الجينوم.

لذلك لا يأتي في البال ان من الممكن تفسير وجود مكتبة ضخمة تحتوي على كلمات ذات معان مشفرة من خلال نتائج المصادفات العشوائية، أو عبر القوانين الطبيعية، ومن دون ارتباط بعوامل ذكية تبدو مستشرية في كل نحو من أنحاء الكائن الحي.

ومنذ ستينات القرن العشرين فصاعداً عولجت هذه الإشكالية من خلال نظرية الاحتمال وحساباتها الرياضية، وتبين خلالها عمق المشكلة بما يفوق خيال العقل البشري. وكان من بين المحاولات البارزة التي كشفت عن هذه المعضلة ما جرى في مؤتمر ويستار في فيلاديفيا منتصف ستينات القرن الماضي (عام 1966) ضمن اطار نقد الداروينية الجديدة. حيث تمّ استعراض معضلة الحسابات الرياضية التي تواجه التفسير الطبيعاني للحياة.

لقد استهدف عدد ممن حضر المؤتمر ابراز ضعف التفسير الدارويني للتعقيدات الحيوية كما تتمثل في الأحماض النووية والبروتينات العملاقة، ورأوا ان من المشكوك فيه ان تكون للطفرات العشوائية القدرة على توليد معلومات جينية لبناء تركيب تطوري جديد، أو خلق صفات جديدة.

وكان لهذه الحسابات أثر عميق على الأبحاث التالية، كما كان لها أثر عظيم على نشأة حركة التصميم الذكي خلال ثمانينات هذا القرن.

وكما سبق ان عرفنا بأن مشكلة تطور الكائنات الحية تلتقي مع مشكلة نشوء الحياة، فكلاهما معنيان بمعضلة المعلومات المعقدة، وقد عمد علم البايولوجيا ان يقوم بمعالجتهما بشكل مختلف، لكن معالجته في الحالتين لم تتجاوز معيار الطبيعانية. فالأول عولج من خلال الانتخاب الطبيعي كما هو حال التفسير الدارويني، والآخر عولج من خلال افتراض سند كيميائي أدى في النتيجة إلى وجود الحياة. في حين نواجه في كلا الحالتين معضلة محددة ثابتة؛ ألا وهي المعلومات.

فمن أين أتت المعلومات المعقدة جداً، سواء على مستوى أصل الحياة ونشوئها، أو تطورها؟

وتُعدّ هذه المعضلة من أعقد ما تواجهه النزعة الطبيعانية. ولحد هذا اليوم لا يُعرف للمعلومات المعقدة مصدر غير الذكاء. فالمعلومات تتكوّن من رموز قابلة لأن تتخذ أشكالاً وصوراً لا نهائية، غير أن الغالبية الساحقة منها تخلو من الوظيفة والمعنى. ومن هذه الزاوية لا تختلف المعلومات الحيوية عن اللغات البشرية التي نستخدمها في تركيب الجمل وبناء الفقرات وتأليف الكتب، إذ يمكن للأحرف أن تتوالى اعتباطاً بأشكال لا حصر لها من دون أن تولّد معنًى مفيداً، إلا في حالات نادرة ومخصوصة للغاية.

وكلما ازداد عدد الجمل وتراكبت عناصرها، ازداد تركيبها تعقيداً، وقلّ احتمال أن تنشأ دلالاتها عن طريق الصدفة. وهذا ما يجعل من نشأة المعنى - فضلاً عن دقته وغائيته - قضية عصيّة على التفسير العشوائي وسائر القوانين الطبيعانية.

فمثلاً ثمة تجربة لاختبار الفكرة القديمة القائلة بأنه يمكن لجيش من القرود أن يكتب في النهاية أعمال شكسبير.

علماً بانه سبق لسالزبوري ان قام عام 1971 بتقدير احتمال ان يقوم عدد من القرود بالضرب على مفاتيح الحواسيب الكومبيوترية لانشاء جملة قصيرة معينة[7].

وفي عام 2002 أجرى المجلس القومي البريطاني للفنون تجربة حقيقية، فوضع حاسوباً داخل قفص فيه ستة قرود.. وبعد شهر من ضربات القرود على ازراره تمّ إنتاج خمس صفحات مكتوبة، لكن بلا كلمة واحدة ذات معنى، بما في ذلك أقصر كلمة انجليزية وهي بحرف واحد (A أو I). وقد نُشرت هذه الصفحات تحت عنوان ساخر يقول: (ملاحظات حول الأعمال الكاملة لشكسبير)[8].

لكن لقيت هذه التجربة اعتراضاً، فالناقدون يعتبرون ان ستة قرود ولمدة بسيطة هي الشهر غير كافية. لذلك افترضوا لو ان العملية جرت لوقت طويل بلا نهاية فسوف يمكن لجيش القرود ان يكتب أعمال شكسبير.

وسبق ان طرح عالم الرياضيات الفرنسي إميل بوريل Émile Borel مثل هذه الفكرة بجيش من القرود عام 1914[9]، ومن بعده الفلكي المعروف آرثر إدينجتون خلال عشرينات القرن الماضي.

وبلا شك يمكن الاستعانة بنظرية الاحتمال لتقدير ما يمكن ان تفعله القرود. فقد أصبح من المعلوم تقدير ما يمكن للقرد من كتابة جملة قصيرة مثل: (Methinks it is like a weasel)، كالذي فعله ريتشارد دوكينز، حيث يبلغ احتمال ذلك (10-40)[10].

إن الرقم المذكور هو عدد هائل لا يُستهان به، ولتقريب فداحته يمكن القول إن مقلوبه، أو مقابله الموجب، يقارب عدد الجزيئات البروتينية التي وُجدت على سطح الأرض منذ نشأة الحياة وحتى يومنا هذا.

ومن المؤكد أن عدد الكائنات الحية جميعاً طيلة هذه المدة أقل من ذلك بكثير. وبالتالي فلو أننا عثرنا على مثل هذه الجملة محفورة على تربة كوكب آخر غير الأرض لكان من المؤكد ان يعتقد العلماء بأنها نتاج فعل ذكي دون ايعازها إلى العوامل الفيزيائية والكيميائية.

ومعلوم ان النظام الوظيفي للغة لا يُعزى إلا إلى مصدر ذكي، فالعثور على رموز قديمة محددة المعاني ومجهولة المصدر لا يحول دون إرجاعها إلى فاعل عاقل، وإنْ جهلنا هويته، مثل النصوص المنحوتة على جدران القبور والمعابد المصرية القديمة، إذ لا يعقل ان تُنسب إلى عوامل طبيعية غير ذكية، بعد أن فُكّت شفرتها الهيروغليفية. ومهما بلغ النص من البساطة، فإنه يظل دالاً على منشأ ذكي، فكيف إذا كان كتاباً متكاملاً في معانيه؟ بل كيف إذا تعلق الأمر بمكتبة هائلة تزخر بالمعلومات والتعليمات؟

فمثلاً العبارة الشهيرة المنسوبة إلى سقراط: (اعرفْ نفسك) قد عُثر عليها منقوشة على الجدران الخارجية لتلك المعابد، وإذا أردنا ان نحتمل وجودها عشوائياً ضمن توفر جميع الأحرف العربية، وهي مع الفاصلة عبارة عن 29 حرفاً، ولنفترض انها المورد الوحيد المأخوذ في الحسبان دون غيرها من الموارد، لذا سيكون احتمال ان نحصل على هذه الجملة أقل من واحد على عشرة تيرليون، أي أقل من (10-13). ولو كانت العبارة: (اعرفْ نفسك بنفسك)، فسيقارب احتمال تشكّلها المقدار: (10-22). أما لو كانت العبارة ضعف الأخيرة، فستعطي قيمة احتمال قريبة من (10-44).

ومعلوم ان الخاصية التي تتميز بها لغاتنا البشرية هي انها مشفرة بالمعلومات. والحال ذاته ينطبق على البرامج الحاسوبية التي تحمل معالجات رقمية ذات لغة مشفرة خاصة بها، وهو ما يجعلها قادرة على تخزين مادة ضخمة من المعلومات المقاسة بالبتات bits كوحدة شانون.

كذلك هو الحال مع الكائنات الحية بمراتبها وجزيئاتها الخلوية المعقدة من الجينات والبروتينات وغيرها من المفاصل الخلوية والعضوية. فهي تحمل آلات رقمية مملوءة بالمعلومات المشفرة وفق نظامها اللغوي الخاص، وهي من هذه الناحية مبرمجة مثل الحواسيب والكائنات الآلية Robots، لكنها أعظم من ذلك بما لا يقارن، ولها قابلية على التصحيح.

فمثلاً ان لانزيم البوليميراز polymerase في الدنا قدرة مذهلة على التصحيح حتى عندما توضع قواعد خاطئة، كالذي وصفه عالم الأحياء الجزيئية روبن هولداي Robin Holiday معقباً بأنه ‹‹كما لو كان له عقل من تلقاء ذاته››[11].

تصوّرْ ان تقدير احتمال نشأة بروتين واحد من الأحماض الأمينية عشوائياً، كالهيموغلوبين مثلاً، هو حوالي (10-190)، ولأن العدد ضخم فقد حسبه الكيميائي الحيوي والكاتب الروسي المعروف اسحاق اسيموف Isaac Asimov تعبيراً قوياً لما فيه تعجيز للعقل، وسماه بـ "عدد الهيموغلوبين"، كالذي استشهد به ريتشارد دوكينز ووثق به[12].

وبحسب فرانسيس كريك، أنه إذا كان طول سلسلة البروتين مائتي حامض أميني، وهو أقصر من المتوسط، وحيث ان لدينا عشرين نوعاً من الأحماض الأمينية، لذا فإن عدد التوافيق الممكنة لتكوّن هذا البروتين عشوائياً هو (20020)، أي ان احتمال تشكّله عشوائياً يساوي (10-260)[13].

أما تقدير احتمال نشوء بروتين صغير جداً مكوّن من تسلسل يبلغ طوله مائة حامض أميني بصورة عشوائية، فهو (20-100)، ويعادل عند تحويله إلى القوة العشرية بحوالي (10-130). أما إذا كان طول البروتين مائة وخمسين حامضاً أمينياً، فإن الاحتمال يصبح (20-150)، أي ما يناهز (10-195). وذلك مع التغاضي عن احتساب عوامل أخرى تزيد من انخفاض الاحتمال، مثل اشتراط أن تتكون البروتينات فقط من الأحماض الأمينية اليسرى (ذات البنية العسراء)، مع العلم أن الأحماض الأمينية في الطبيعة تقارب خمسمائة نوع، وليست عشرين فحسب، كما هو الحال في الخلايا الحية.

وهذا يعني أن البروتين لا يتكوّن عشوائياً من بين خمسة أنواع أو عشرة، بل من بين مئات الأشكال المحتملة، مما يُفاقم الحسابات الاحتمالية تعقيداً. ناهيك عن أن ظروف الأرض قبل نشوء الحياة كانت غير مثالية - وفق ما تشير إليه الأدلة الجيولوجية والكيميائية - الأمر الذي دفع عدداً من العلماء، مثل ساجان، وكريك، وأورجيل، وهويل، وويكراماسينج، إلى استبعاد أن تكون الأرض الفتية مكاناً صالحاً للحياة، لا سيما بعد ملاحظة عدم وفرة جزيئاتها الأساسية بشكل كاف، ورجحوا في المقابل أن تكون نشأتها قد جاءت من الفضاء الخارجي عبر ما يُعرف بنظرية "البذور الكونية Panspermia".

وعلى كل حال، فإن إدخال الاحتمالات المشار إليها سلفاً، والعوامل الإضافية في الحساب، يجعل القيمة الاحتمالية لنشوء الحياة بالصدفة تؤول إلى الضآلة المطلقة، حتى لتبدو أقرب إلى المستحيل الرياضي منها إلى الممكن الواقعي.

وعادة ما تكون البروتينات ذات سلاسل أكبر طولاً مما ذكرنا، إذ تمتلك مئات الأحماض الأمينية، بل ان بعض البروتينات تحتوي على آلاف منها، وان الخلية بدورها تمتلك مئات البروتينات المختلفة الأنواع، أو حتى آلاف منها. لذلك فإن تقديرات نشأتها الاحتمالية عشوائياً تخلّف أرقاماً ضخمة تفوق الخيال بما لا يمكن تصوره.

ولاستيعاب ذلك يمكن تصور ان عمر الكون هو أقل من (1018) ثانية، فهذه القيمة هي أعظم من (14) مليار عام، وانه لو أردنا ان نضاعف عمره عشر مرات فسوف لا يتجاوز (1019) ثانية، أو نضاعفه مليون مرة فسوف لا يتجاوز (1024)، حيث كل عدد يفوق ما دونه مباشرة بعشرة أضعاف. كما يمكن تصور ان وزن الكون هو (1042) كيلو غرام، وان جميع ذراته لا تتجاوز (1060) ذرة، وان جميع جسيمات الكون بحسب ادنجتون تبلغ حوالي (1080)، ويمكن ان يرتفع العدد مع إضافة جميع الفوتونات والنيترينوات إلى (1089)، وان عدد معلومات الكون المقاسة بالبتات بحسب معادلة بيكينشتاين في الانتروبيا يقارب (10100) بت[14]. وهناك تقديرات أخرى تفوق هذا المقدار.

لقد تعمّدنا ذكر هذه المقادير لنقف على ضخامة الأعداد التي ترتبط بالمعلوماتية في الحياة الجزيئية، وذلك بمقارنتها بما هو مألوف في ساحة الفيزياء، ناهيك عما هو أعقد من ذلك لدى المستويات العالية من سلّم الحياة.

فأبسط صور الحياة تُظهر من التعقيد المعلوماتي ما لا يدانيه أي نموذج معروف في الكون المشهود، باستثناء ما ذكره الفيزيائي والرياضي البريطاني روجر بنروز حول دقة التعقيد الفيزيائي المنظم لنشأة الكون وسط خيارات ابتدائية ممكنة للانتروبيا، فقد قدّر هذه الامكانات البدئية بحوالي: (10 أس 10123)، ويعكس هذا المقدار القيمة العظيمة لدقة النظام الكوني بما يحمله من معلومات.

لكن باستثناء هذا الرقم الفريد، فلا شيء في الفيزياء ينافس عدد الخيارات الممكنة والمتعلقة بنشوء بروتين صغير جداً مكوّن من مائة حامض أميني بصورة عشوائية، كما رأينا سابقاً. فكيف بما هو أعقد منه وأعظم تركيباً؟

وعموماً ان ما يُعرف بـ "الأعداد الفلكية astronomical numbers" التي اعتاد عليها الفيزيائيون كأرقام ضخمة؛ لا تُعدّ شيئاً أمام ما يمكن تسميته بـ "الأعداد الحيوية vital numbers". وهي الأعداد المرتبطة بالحسابات المعلوماتية في عالم الأحياء. وإذا كانت الأعداد الفلكية تثير الدهشة في ضخامتها، فإن الأعداد الحيوية تُظهر استحالة أن تكون الصدفة قد لعبت دوراً في تنظيم هذا النظام الغائي المعقّد.

فالعالم الحيوي يتميز بنظام وظيفي قادر على إنتاج هذه الأعداد الحيوية انطلاقاً من بنى عشوائية معقدة، على خلاف النظام التكراري الذي يعجز عن مجاراته في هذا المجال تبعاً لبنيته المنتظمة أو التكرارية.

الموارد الكونية المتاحة

لشرح كيف يمكن لنظام معلوماتي أن ينشأ وينظّم نفسه وسط العشوائية، نستخدم وحدة "البت bit" كمقياس أساسي للمعلومة. والبت هو أصغر وحدة معلوماتية تمثل حالتين متمايزتين، عادةً ما يُرمز لهما بـ (0 و1)، ويُشبه ذلك تمامًا وجهي العملة النقدية: أحد الوجهين يُمثّل حالة الصفر (العدم)، والوجه الآخر حالة الواحد (الظهور أو الفعل). وبناءً على هذا التمثيل الثنائي، يصبح اللوغاريتم للأساس (2) هو المعيار الطبيعي لقياس كمية المعلومات وترتيب الأنظمة؛ إذ يعبّر عن عدد البتات اللازمة لوصف حالة أو نظام معين. وإن الابتعاد عن هذا الأساس الثنائي يعني فقدان الوضوح والدقة في تحديد النظام، مما يؤدي إلى نتائج غير منضبطة.

وعند النظر في الحالات الثنائية، كما في رميات قطعة النقد، يتحدد الانتظام بدقة ضمن ما يُعرف بـ "النظام التكراري أو الدوري"، وذلك استناداً إلى لوغاريتم الأساس (2)، شريطة أن تكون قيمة هذا الأساس مرفوعة إلى قوة صحيحة. فمثلاً: رمي العملة مرتين يمنحنا حالتين منتظمتين، وأربع رميات تُنتج ثلاث انتظامات، وثمان رميات تعادل أربعة، وهكذا. أما في حالة ست عشرة رمية، فيمكن تمييز خمسة من الأشكال المنتظمة، كأن يظهر أحد الوجهين في جميع الرميات، أو في نصفها، أو عبر تكرار دوري كل أربع مرات، أو في التناوب الزوجي، أو التناوب الفردي.

وتبعاً لذلك، يمكن التعبير عن القاعدة العامة لتحديد عدد الانتظامات الدورية في مثل هذه الأنظمة الثنائية على النحو التالي: يتم تحويل عدد الحالات المختبرة (N) إلى لوغاريتم للأساس (2)، ثم يُضاف إليه واحد. فيكون الحاصل هو عدد الانتظامات الممكنة ضمن مجموع الحالات كافة. أي بصيغة رياضية:

عدد الانتظامات = log₂(N) + 1

أي:

عدد الانتظامات = لوغاريتم N للأساس 2 + 1

وتفترض هذه القاعدة أن (N) هو عدد يمكن تمثيله كقوة صحيحة من دون بواقي للأساس 2، أي:

(2، 4، 8، 16، 32، ...)

بمعنى أن الاختبارات الثنائية الطرفين كرمي قطعة النقد يجب ان تكون بمثل هذه الأعداد كي يتولد منها قوة صحيحة من دون بواقي، إذ يمكن التعبير عنها بالشكل التالي:

(123452، ...)

ويمكن تسمية هذه القاعدة اللوغاريتمية بـ "معامل الانتظام الدوري"، إذ تنضوي تحت ما يُعرف بمبدأ "الاستقراء الرياضي"، باعتبار أن عدد الانتظامات يزداد على نحو تدرّجي - واحداً فآخر وهكذا - كلما تضاعف عدد حالات (N)، بحيث يُضاف شكل انتظامي جديد مع كل قوة جديدة للأساس (2)، في نمط تصاعدي متناسق.

واستناداً إلى هذا المعامل، لو افترضنا وجود (1024) رمية، أي (102) رمية، فإن مقدار الانتظام الناتج - وفق النظام التكراري والدوري - يساوي (11) حالة منتظمة، وهي: أن يظهر أحد الوجهين في جميع الرميات، أو في التناوب مرة فمرة، أو مرتين، أو أربع مرات، أو ثمان مرات، أو (16) مرة، أو (32)، أو (64)، أو (128)، أو (256)، أو (512). وهي تعادل أقل من (42) إمكانية منتظمة من بين (10242) حالة توافيقية ممكنة.

وبناءً عليه، فإن احتمال وقوع انتظام محدد بالصدفة يعادل تقريبًا (2-1020)، وهو رقم ضئيل إلى حدّ التلاشي. ويُعرف ذلك من خلال قسمة عدد الانتظامات التوافيقية الممكنة على العدد الكلي للحالات التوافيقية. وحتى لو جمعنا مع النظام التكراري أو الدوري كافة المعايير الأخرى للتماثلات التقريبية، فإنها لا تقدّم ناتجاً كبيراً في الانتظامات الكلية الممكنة.

وعموماً، كلما اتسع عدد الرميات، أي زاد عدد المحاولات العشوائية، كلما تناقص احتمال ظهور انتظام معقد بصورة تلقائية. وحتى لو افترضنا أن عدد هذه المحاولات يساوي عدد العمليات الفيزيائية التي وقعت في الكون منذ نشأته، فإن ذلك لن يولد سوى مقدار محدود من المعلومات، تتضمن في أقصاها قدراً محدوداً من المعلومات المنتظمة.

وهذا ما يعبّر عنه بمحدودية "الموارد الكونية المتاحة"، التي تعني أن القدرة الاحتمالية للكون على إنتاج أنظمة معقدة عشوائيًا تظلّ محدودة أمام فضاء الحالات الممكنة الهائل.

لتقريب الفكرة، لنفترض أن مجموع العمليات الممكنة في الكون يعادل (15010)، فإن عدد الحالات التوافيقية الممكنة في فضاء ثنائي (أي مكون من حالتين كالصفر والواحد) سيكون (2 قوة 15010)، وهو عدد يفوق أي تصور عملي.

ولتمييز حالة واحدة فقط من هذا العدد الهائل، نحتاج إلى نحو (500) بت من المعلومات، أي (500) خانة ثنائية (بت) لتحديد موقع تلك الحالة بدقة ضمن هذا العدد من الفضاء التوافيقي الهائل للإمكانيات.

ومن بين هذه الـ (500) بت من المعلومات الضخمة الممكنة، لا يُشكّل الانتظام - سواء في الشكل التكراري أو غيره - سوى جزءٍ ضئيل من مجموع الحالات للفضاء الاحتمالي.

وحتى إذا افترضنا - جدلاً - أن عدد هذه الانتظامات الممكنة يعادل (500) بت، فإن احتمال وقوع أحد هذه الانتظامات بالصدفة ضمن الفضاء الاحتمالي الكامل سيكون من خلال قسمة (500) على العدد الضخم من الحالات التوافيقية الممكنة، وهو مقدار ضئيل إلى درجة يقارب الصفر عمليًا.

وهذا يعني أنه من غير المعقول إحصائيًا أن ينشأ نظام معقد ذو بنية أو دلالة منتظمة عبر عمليات عشوائية محضة، استنادًا إلى الموارد والمعلومات المتاحة ضمن هذا الإطار الكوني.

لكن يجدر التنويه بأن هذا التقدير لا يسري إلا على نظام خاص أطلقنا عليه اسم "النظام التكراري"، تمييزاً له عن نُظم أخرى سنأتي على بيانها لاحقًا.

محاولات تحديد الموارد الكونية المتاحة

يعتمد تحديد الموارد الكونية المتاحة على عاملين: عمر الكون المقاس بثابت زمن بلانك، وعدد الجسيمات الكونية. لذا يختلف هذا التحديد وفق ما يُقدّر من عمر الكون وكذلك عدد جسيماته.

ولعل أول من قام بتقدير عمليات الكون، أو الموارد الكونية المتاحة، هو مؤسس القياس في الرياضيات؛ الفرنسي إميل بوريل، حيث قدّرها في عام 1913 بحوالي (5010)، واعتمد في تحديده لهذه الموارد جزئياً على ناتج عدد النجوم التي يمكن رصدها (910) مضروباً بعدد الملاحظات البشرية التي يمكن إجراؤها على تلك النجوم (2010). وفي النهاية توصّل إلى ان مجموع العمليات الكونية يبلغ (5010)[15].

ورغم ان طريقة بوريل بدائية غير صحيحة، لكنه توصل من خلالها إلى نتيجة هامة تقول بأن أي حدث ممكن منطقياً فإن احتماله لو تجاوز عدد الموارد المتاحة فسيصبح محالاً من الناحية الافتراضية. لذلك اعتبر ان مقلوب عدد هذه الموارد –أي (10-50) - هو أصغر احتمال ممكن، وان ما دونه منفي ومحال.

وللأسف لم ينشغل الفيزيائيون وغيرهم في بحث هذه العملية من تقدير الموارد الكونية المتاحة، باستثناء محاولات يتيمة أظهرت تقديرات مختلفة، منها ما حدده الفيزيائي بريت فان دو ساند Bret Van de Sande، ففي عام 2006 قدّر هذه الموارد بأكثر قليلاً من (9210)[16]. وهو ما يعني ان أقصى ما يمكن إنتاجه من المعلومات لا يزيد على (306) بت.

وقبل المحاولة السابقة بعدة سنوات قدّم زعيم حركة التصميم الذكي الرياضي وليام ديمبسكي حساباً متكاملاً ومختلفاً عما سبق، كما في كتابه (دليل التصميم) عام 1998 وما بعده من دراسات، وسنعود إليه لاحقاً لأهميته فيما نحن بصدده.

وكان من بين المحاولات القليلة التي قُدمت في هذا المجال ما يعود إلى عالم الحوسبة والهندسة الميكانيكية سيث لويد Seth Lloyd. وقد تميزت هذه المحاولة برؤية فلسفية متكاملة تجاه العلاقة بين المعلومات وبنية الكون.

ففي دراسة نُشرت عام 2002، قدّر لويد أن العدد الإجمالي للعمليات المنطقية الكمومية (quantum logical operations) التي يمكن أن تحدث في الكون منذ نشأته يبلغ نحو: (12010)، وذلك بافتراض عمر كوني يبلغ قرابة عشرة مليارات سنة. وقد حملت من المعلومات التي يمكن تخزينها بحسب كمية المادة والطاقة المتوفرة في الكون ما قدره (9010) بت[17]. ومن ثم فإن أقصى ما يمكن توليده من معلومات ضمن هذا النسق لا يتعدى (400) بت.

لكن في عام 2006، رفع لويد من تقديره لهذه العمليات، كما ورد في كتابه (برمجة الكون)، ليبلغ عددها حوالي (12210)، وهي تتيح تخزين ما يقارب (9210) بت من المعلومات، مما يسمح بأقصى حد من المعلومات لا يتجاوز (406) بت[18].

ووفق هذا المنظور، فإن تعقيد أي نمط منتظم أو نظام مشفّر لا يمكن أن يتجاوز سقف المعلومات الكونية المتاحة. فلو افترضنا، مثلاً، وجود شيفرة معقدة تتطلب (410) بت لفكها، فإن عدد الاحتمالات الممكنة لتجربتها (أي: 4102) يتجاوز عدد العمليات الفيزيائية التي يمكن أن ينفّذها الكون منذ نشأته. وبذلك، فإن احتمال الوصول إلى هذا النظام بالصدفة، حتى لو سُخّرت كل موارد الكون وزمنه، يظل أقرب إلى الصفر، مما يُبرز استحالة نشوء تعقيد منظَّم بهذا المستوى عبر العشوائية البحتة.

لهذا السبب تعتمد أنظمة التشفير الحديثة على مفاتيح آمنة تعتمد على كثافة المعلومات بطول مئات البتات، لضمان استحالة كسرها بواسطة المحاولة والخطأ، مما يُظهر أن الاحتمالات الخالصة لا تكفي لشرح نشوء النظام المعقد من دون موارد موجهة.

لقد رأى لويد أن الكون ليس مجرد منظومة مادية، بل هو حاسوب كمومي عملاق يمكن محاكاته بحواسيبنا الكمومية. وكما كتب ان جميع تفاعلات الجسيمات الأولية في الكون لا تنقل الطاقة فحسب، بل تنقل المعلومات أيضاً، بل ان كل شيء في الكون مصنوع من أجزاء تمثل معلومات - آحاد وأصفار - وليست قطعاً من الأشياء.. فالذرات والإلكترونات هي "بتات"، فيما التصادمات الذرية هي العمليات، وان لغة الآلة هي قوانين الفيزياء، ومن ثم فالكون حاسوب كمومي ضخم، وليس مجموعة جسيمات مادية وتفاعلات طاقوية[19].

ومن هذا المنطلق، اعتبر لويد أن مقاربته هذه قد تُمثّل مدخلاً جديداً للاجابة عن بحث الفيزيائيين حول نظرية موحدة لكل شيء[20].

وقد استند في تلك الرؤية إلى فيزياء الكوانتم، منطلقاً من أن الواقع والمعلومات هما شيء واحد. ومن وجهة نظر الفيزيائي جيمس جلاتفيلدر ان الفيزيائيين ومنظّري المعلومات قد أصبحا متماهين بشكل متزايد، كالشيء نفسه. فقد اعتمدا على "البت" كجسيم أساسي من نوع مختلف، ليس صغيراً فحسب، بل مجرد رقم ثنائي (واحد وصفر، أو نعم ولا). فعندما بدأ العلماء أخيراً في فهم المعلومات أخذوا يتساءلون عما إذا كانت أساسية وأكثر جوهرية من المادة نفسها. واقترحوا أن البت هو النواة غير القابلة للاختزال، وأن المعلومات تشكل جوهر الوجود[21]، كالذي ظهر خلال ثمانينات القرن العشرين، ومن ذلك اعتبر الفيزيائي جون ويلر John Wheeler أن البت هو النواة التي لا تقبل الاختزال، وأن المعلومة - لا المادة - هي أساس الواقع الفيزيائي، وهو ما لخّصه في عبارته الشهيرة: It from Bit؛ أي أن "الشيء" مستمد من "المعلومة"، وليس العكس.

وقيل ان الرياضي البولندي زيوس هو أول من نظر للكون كحاسوب[22]. وان عالم الكومبيوتر رولف لانداور Rolf Landauer اعتقد انه إذا لم يحوسب العالم ككل فعليك ان تنساه. بل وشاع القول: “ان ما لا يمكن حوسبته يصبح عديم المعنى”[23].

ان اعتبار الكون جهاز حاسوبي ضخم قائم على البت الثنائي قد جعل من الواقع وهماً، فهو واقع افتراضي. وبحسب المبدأ الهولوغرافي Holographic principle العائد إلى نظرية الأوتار، والذي اقترحه الفيزيائي الهولندي جيرارد هوفت Gerard 't Hooft لأول مرة، فإن طبيعة العالم الثلاثية الأبعاد تعتبر وهمية، ففي قلب الواقع تكمن شبكة حسابية ثنائية الأبعاد. إذ لو قام المرء بتكبير نسيج الكون فإنه يصطدم بنقطة نهاية تتحدد عند طول بلانك، وهي المنطقة التي تحمل واحداً من البتات (أو كيوبت) من المعلومات. وعلى هذا الأساس يتم حساب وهمنا من أبعاد المكان الثلاثية، حيث تتفاعل الجسيمات الأولية (مع وبدون كتلة) [24].

هكذا أصبح كوننا ثلاثي الأبعاد عبارة عن وهم ناشئ عن عملية حسابية ثنائية الأبعاد. فأساس الواقع بحسب وجهة النظر السابقة يعبر عن شبكة ثنائية تتكون من مناطق بلانك قادرة على تسجيل جزء واحد من المعلومات[25].

***

أما نظرية وليام ديمبسكي فقد حددت الموارد الاحتمالية المتاحة بضرب ثلاثة عناصر تجعل من نهجه متكاملاً في تحديد مقدار عمليات الكون وأحداثه منذ نشأته وحتى يومنا هذا. وتتحدد هذه العناصر بكل من: عمر الكون المقدّر بالثواني، وكمية الأحداث في الثانية طبقاً لزمن بلانك، وعدد جسيمات الكون. فعند ضرب هذه المقادير بعضها ببعض ينتج لنا مجموع عمليات الكون وأحداثه التي عبّر عنها بمجموع الموارد الاحتمالية المتاحة.

مع هذا فقد أخطأ ديمبسكي في تقدير كمية الأحداث في الثانية طبقاً لزمن بلانك وحسبها (4510)، كما أخطأ في تقدير عمر الكون وحسبه (2510)[26]. تبقى جسيمات الكون، فالمتعارف على تقديرها وفق ما صدر عن أدينجتون بأنها حوالي (8010). لذلك عند ضرب المقادير السابقة فإنها تنتج بحسب ديمبسكي (15010) حادثة[27]. وقد عمل ستيفن ماير على تصحيح هذا الحساب فتوصل إلى ان الناتج هو (14010) حادثة[28].

والحقيقة ان من الممكن إجراء تقدير آخر أدق وفق المعلومات الفيزيائية الحالية، وبالخصوص ما يتعلق بعدد الجسيمات. إذ ان ديمبسكي ومن بعده ستيفن ماير، قد اعتمدا على عدد الفرميونات من الجسيمات، كالالكترونات والبروتونات والنترونات، والتي لم يختلف العلماء حول تقديرها بحوالي (8010)، لكن يضاف إليها عدد جسيمات البوزونات مثل الفوتونات والنيترينوات، وتقدر مع الفرميونات بحوالي (8910) جسيم[29]، فهذه هي مجموع جسيمات الكون من الفرميونات والبوزونات، ويضاف إليها عمر الكون المقدر بأكثر من (1710) ثانية، أي ما يعادل (14) مليار سنة تقريباً، حسب التقديرات الحالية، كما يضاف إليها زمن بلانك الذي يعبّر عن مجموع حوادث التفاعل في الثانية الواحدة، وهو (4310). وعند ضرب هذه المقادير الثلاثة ببعضها نحصل على مجموع الحوادث الممكنة، ويبلغ (14910)، وكل ما يزيد على ذلك العدد فهو منفي ومحال بالنسبة إلى كوننا وفق التقديرات الحالية. ولو تغيرت هذه التقديرات، وبالذات عمر الكون وعدد الجسيمات، فسوف تتغير النتيجة. لذلك فاحتمال ان تنشأ أي حادثة من حوادث الكون سيساوي قلب هذا المقدار (أي: 10-149)، وأقل من ذلك يعتبر محالاً أو منفياً، حيث يصبح أقل مما يمكن حدوثه تبعاً لمنطق الاحتمالات، أي لا تستوعبه جميع عمليات الكون وأحداثه الجارية منذ البداية وحتى يومنا هذا.

وعليه، فإن الحد الأقصى للمعلومات التي يمكن معالجتها أو تمييزها ضمن الموارد الكونية المتاحة لا يتجاوز تقريباً (495) بتاً. وهذا يعني أن الكون، منذ نشأته وحتى اليوم، لا يمتلك القدرة الفيزيائية على توليد أو فرز أكثر من (4952) حالة مستقلة، استناداً إلى العدد التقديري للعمليات الممكنة فيه، والمُقدّر بـ (14910). ويُظهر هذا التقدير الحدّ الأعلى للتعقيد المعلوماتي الممكن ضمن الإطار الكوني المعروف.

وبناءً على ذلك، فإن احتمال نشوء نمط منتظم أو نظام معقّد عن طريق الصدفة المحضة يساوي حاصل قسمة عدد الأنماط المنتظمة - والتي تمثل جزءاً ضئيلاً للغاية - على عدد الحالات التوافيقية الكلية، المقدر بـ (2 قوة 14910).

وهذا الاحتمال ضئيل إلى حد لا يُتصوّر، حتى إنه يُعدّ صفراً عملياً من حيث التأثير والإمكان الفعلي. ويترتب على ذلك أن فرضية العشوائية المحضة كآلية لإنتاج نظام معقد تصبح غير معقولة إحصائياً، ولا يمكن قبولها ضمن الإطار الفيزيائي المعروف للكون وموارده.

 

نشأة الحياة وحساب الاحتمالات

كل ما تقدّم كان مرتبطاً بما أسميناه "النظام التكراري"، وهو نظام بسيط مقارنة بنُظم أخرى، منها ما عبّرنا عنه بـ "النظام الوظيفي"، ويتميّز بتعقيده الشديد وضيق احتمالات تشكّله العشوائي بما لا يُقارن بضيق النظام التكراري نفسه.

كما أن طبيعة تشكّل النظام الوظيفي تختلف جوهرياً عن طبيعة الانتظامات الدورية التي يتضمّنها النظام التكراري. وأن حساباته الاحتمالية لا تأخذ بعين الاعتبار مجمل الظروف المؤثرة في مصاديقه، بل تقتصر على أبرز العناصر المكوّنة لها. يضاف إلى أن هذه الحسابات تتخذ صوراً وأشكالاً مختلفة استناداً إلى تباين مستوى التعقيد فيه، وليس كما هو الحال مع بساطة النظام التكراري.

فمثلاً ان تخلّق بروتين صغير بطول (150) حامضاً أمينياً عشوائياً يعطي - وسط الأحماض الأمينية العشرين الخاصة بتكوين البروتين الحيوي - قيمة احتمالية أقل بكثير مما يمكن صنعه من أي انتظام وفق النظام التكراري خلال (14) مليار سنة. إذ يُقدّر هذا الاحتمال بحوالي (10-195)، وذلك رغم عدم أخذ تأثير العوامل الأخرى بالحسبان والتي تجعل القيمة الاحتمالية أكثر ضآلة.

أما لو اعتمدنا على بعض الحسابات الرياضية التي أجراها عدد من العلماء؛ لكان ذلك كفيلاً في الاعتقاد باستحالة نشوء الحياة عشوائياً؛ ليس فقط خلال عمر الكون كله، بل وحتى مع افتراض النتائج المترتبة على فرضية الأكوان المتعددة اللانهائية، رغم تقديرها بأكثر من (50010) كوناً. فهذا العدد الضخم جداً لا يُعدّ شيئاً أمام تقديرات بعض العلماء في التخلّق العشوائي لخلية بسيطة. فالأرقام الاحتمالية المذهلة التي وجدناها مع بروتينات صغيرة لا تقارن مع تخلّق مثل هذه الخلية. بل ان بعض الخلايا تمتلك بروتينات تحمل آلافاً من الأحماض الأمينية، وهذا ما يجعلها تعطي رقماً هائلاً يعجز عن أن تغطيها سعة عدد الأكوان المتعددة بكثير.

إن أخذ هذه المعلومات بعين الاعتبار، يجعل نشأة الخلية بطريقة عشوائية أمراً يتجاوز حدود المعقول، إذ تُفضي التقديرات الرياضية إلى أرقام خيالية تلامس اللاتناهي. ومع ذلك، فإن الرياضيات تملك القدرة - وإن نسبياً - على تقدير هذه الاحتمالات، مهما بلغ حجمها الضخم.

وهذا ما قام به العالمان فريد هويل وويكراماسينج، حين أجريا دراسة حول احتمال تشكّل الحياة وفق الظروف الطبيعية من دون تدخل خارجي. فبحسب افتراضهما فإن احتمال تشكّل إنزيم وظيفي واحد عشوائياً من سلسلة أحماض أمينية هو في حدود (10-20). وإذا علمنا أن أبسط خلية تحتوي على نحو ألفي إنزيم صغير، فإن احتمال تكوّن هذه الإنزيمات كلها عشوائياً يُحسب بضرب قوى المقدارين، ما يُنتج رقماً مذهلاً هو: (10-40000)، أي كالتالي:

(10-20)2000 = 10-40000

وقد أخذ الباحثان بعين الاعتبار أن الخلية قد تحتاج، على مستوى التنظيم الوظيفي الكامل، إلى نحو مائتي ألف بروتين لأداء المهام الحيوية المختلفة. وهو ما يعني تضخماً هائلاً في الرقم النهائي، يفوق قدرة العقل البشري على التصور.

ومع إدراكهما لما قد يُطرح من اعتراضات على هذه الطريقة، كأن يُقال إن كثيراً من الإنزيمات ليس مستقلاً تماماً، وبالتالي فإن العدد الكلي المفترض قد يكون أقل من ألفي إنزيم، فإن الرد يأتي من داخل الحساب نفسه، حتى مع خفض هذا العدد إلى ما دون الألفين، فإن الناتج سيبقى عدداً ضخماً للغاية، ولا يُغير من الاستنتاج شيئاً يُذكر[30].

وإذا مددنا هذا القياس إلى تقدير احتمالية تكوّن الخلية بأكملها، وافترضنا أن كل بروتين يتكون من مائتي حامض أميني كمعدل تقريبي، وأن الأحماض الأمينية المتاحة هي العشرين فقط الداخلة في تركيب البروتين الحيوي، فإن احتمال تشكّل بروتين واحد سيكون (20-200). لكن عدد البروتينات المطلوبة يصل إلى مائتي ألف، ما يجعلنا نرفع الاحتمال السابق إلى قوّة هذا العدد، فنحصل على المعادلة التالية:

(20-200)200000 = 20-40000000

وهو رقم يفوق التصوّر الحسابي إلى درجة توازي استحالة رياضية، حتى مع افتراض جميع الأكوان الممكنة، أو المدد الزمنية الممتدة بلا حدود.

***

مع ذلك، يبدو لي أن الطريقة الحسابية التي أجراها هويل وويكراماسينج ليست سليمة. فإذا كان تشكُّل كل إنزيم عشوائياً من تسلسلات الأحماض الأمينية يتطلب احتمالاً قدره (10⁻²⁰)، وكان لدينا ألفا إنزيم، فإن الناتج لا يُحسب بضرب الاحتمالات بصيغة القوى، بل بضربها ضرباً عادياً، فتكون النتيجة كما يلي:

10-20 × 2000 = 10-20 × 103 × 2 = 10-23 × 2

وهذا هو الحساب الصحيح كما يبدو، حيث لا مبرر لضرب القوى. بل الصحيح هو ضرب العددين كما هما.

أما إذا افترضنا ان كل انزيم يتوقف في عمله على الانزيم الآخر، ففي هذه الحالة يمكن اجراء عملية ضرب احتمالات هذه الانزيمات ببعضها، ومن ثم ستكون النتيجة مرتفعة عما لو كانت الانزيمات مستقلة، لكنها مع ذلك أقل بما لا يقارن مع ما ذكره الباحثان، حيث تصبح النتيجة كالتالي:

10-20 × 200010 = 10-2020

وللأسف لم أجد من نقد العملية الحسابية التي أجراها هويل وويكراماسينج، رغم وجود اعتراضات أخرى طالت مضمون أطروحتهما، كمن قال إن عدد الأحماض الأمينية في إنزيمات الخلايا البسيطة المفترضة أقل بكثير، أو من احتج بدور التدرج والانتخاب الطبيعي في تسهيل نشوء الحياة. ولا شك أن مثل هذه الاعتراضات قابلة للرد بسهولة، غير أن تجاهل مراجعة العملية الحسابية نفسها يبعث على القلق، خصوصاً وأنا لست مختصاً في الرياضيات.

 مع هذا فعزائي أن كثيراً من الرياضيين والفيزيائيين كانوا عرضة للأخطاء الرياضية، وبعضها يعبّر عن أخطاء جسيمة، كالنماذج التي أحصاها الباحثان بوسامنتير وليهمان في كتابهما (أخطاء رهيبة في الرياضيات)[31].

ومما يُذكر بهذا الصدد أن أينشتاين رغم عبقريته المعروفة إلا أن العديد من اكتشافاته الرائدة قد أفسدتها أخطاء بعضها يعود إلى الأخطاء الجسيمة في الرياضيات، ومثلها المفاهيم الخاطئة في الفيزياء، كذلك الفشل في فهم التفاصيل الدقيقة لإبداعاته. وتم تقدير ما يقارب (180) ورقة علمية أصلية نشرها أينشتاين في حياته تضمنت (40) بحثاً مليئاً بالأخطاء، كالذي كشف عنه الفيزيائي هانز شانيان في كتابه (أخطاء أينشتاين) [32].

وعموماً، لا أدري ما الذي دفع هويل وويكراماسينج إلى استخدام طريقة ضرب القوى بدلاً من الضرب العادي؟

وقد تكررت هذه المسألة نفسها في ما أورده ستيفن ماير في كتابه (توقيع في الخلية)، إذ أشار إلى أن نتائج تجارب دوغلاس آكس Douglas Axe تؤيد التخمينات الرياضية التي قدّمها هويل وويكراماسينج. فبحسب ما ذكره، تحتاج أصغر خلية تمتلك الحد الأدنى من التعقيد إلى ما يقرب من (250) بروتيناً، يبلغ متوسط طول كل منها حوالي (150) حامضاً أمينياً. وبالتالي فإن احتمال تخلّق كل بروتين عشوائياً يُقدَّر بـ (10-164) ومن ثم فإن احتمال تشكّل جميع هذه البروتينات معاً سيعادل (10-164 قوة 250). ومن ثم تصبح النتيجة كالتالي[33]:

(10-164)250 = 10-41000

وهذا الرقم بالغ الضآلة يُستخدم لتأكيد استحالة نشوء الحياة عشوائياً، كما يرى ماير، إذ يتجاوز بكثير حدود الاحتمال المعقول في الفيزياء والرياضيات.

لكن لدى ادموند جاك امبروز طريقة سليمة لحساب الصدفة العشوائية لنشأة بعض الخلايا أو الحياة، ففي كتابه (طبيعة العالم البايولوجي وأصله) الصادر عام 1982 ذكر أن سلسلة الحامض النووي الدنا من الكروسوم العائد إلى البكتيريا الاشريكية القولونية (E. coli) تتكون من (3-4) مليون زوج قاعدة، وكلها مرتبة في تسلسل ذي مغزى من حيث وظيفته الحيوية.

وعليه اعتمد في الحل على مبدأ التوافيق الاحتمالية، على شاكلة ما يتم فيه ترتيب (52) بطاقة بطريقة واحدة فقط، حيث القيمة العددية للحالات الممكنة هي (52!)، بمعنى ضرب هذا العدد في سلسلة جميع الأعداد التي دونه حتى الوصول إلى الواحد، ومن ثم سيكون حاصل الضرب كبيراً جداً، ويعادل تقريباً (6810)، ومقلوب هذا العدد هو الاحتمال المطلوب لترتيب (52) بطاقة ترتيباً محدداً. أما ولدينا (3-4) مليون للولب فريد من نوعه، فإن ضرب هذا العدد بما دونه بالتسلسل حتى الوصول إلى الواحد سيعطي نتيجة خارقة، وقد حسبها امبروز بأنها تعادل حوالي (200000010) توافيقية ممكنة. لذا لا يوجد سوى امكانية واحدة فقط من هذه البدائل الممكنة لترتيب القواعد اللازمة للدنا. وهو عدد يفوق الرقم الذي حدده هويل وويكرامسينج بما لا يمكن تصوره، لكنه مبرر من حيث الحساب الرياضي بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى.

لذلك عقّب امبروز بالقول: ‹‹نحن مضطرون لاستنتاج ان أصل الحياة الأولى كان حدثاً فريداً لا يمكن مناقشته من حيث الاحتمال››[34].

وبحسب التقديرات السابقة، لكل من هويل وويكراماسينج وامبروز، انه حتى لو جعلنا منشأ الحياة عائداً إلى الفضاء لا الأرض وفق الطريقة الاحصائية؛ فسوف لا يتغير الحال.

فما يظهر لدينا هو ان الخلية العادية ليست أعظم من الكون فحسب، بل وأعظم من جميع الأكوان المتعددة حتى مع فرض انها تمتلك نُظماً فيزيائية دقيقة باستثناء الحياة. فوفقاً لمعيار عدد الخيارات الممكنة أن النظام فيها يفوق جميع نُظم هذه الأكوان.

فلو أردنا ان نقدّر عدد الحوادث الممكنة في هذه الأكوان، فلدينا معيار ما يحمله كوننا من امكانية الحوادث لنقيسه على البقية. ويظهر من خلال الضرب ان عدد حوادث جميع هذه الأكوان سيقارب حدود (64910) حادثة. وهو عدد ضخم جداً لكنه ليس بشيء أمام تقدير هويل وويكراماسينج، ناهيك عن تقدير امبروز لتخليق خلية بكتيرية. وأقل من ذلك بما لا يقارن فيما لو افترضنا عمر الكون ألف مليار سنة، وهو المقياس الزمني لنموذج الكون شبه المستقر كما رآه هويل.

لذلك لو اعتمدنا على التقديرات الرياضية السابقة كما أظهرها عدد من العلماء الذين أشرنا اليهم - خاصة امبروز - لكانت الخلية أعظم من جميع الأكوان اللانهائية. ولا غرابة في أن الكيميائي الحيوي لينوس باولنك Linus Pauling عدّها أعظم تعقيداً من مدينة نيويورك[35]. وهو العالم الذي تمّ تصنيفه في المرتبة السادسة عشرة كأهم عالم في التاريخ، وحظي بجائزة نوبل مرتين[36].

نشأة الحياة وفرضية الذكاء

تبعاً لما سبق يرد السؤال التالي: كيف نعرف ان ما نواجهه يتعلق بالذكاء دون الخضوع للقانون الطبيعي، ولا للفوضى والصدف العشوائية، ولا حتى للجواذب الذاتية؟

والحقيقة ان ظواهر الكون والحياة منقسمة إلى مناطق وبيئات مختلفة، فبعضها دال على النظام ويتحكم فيها القانون الطبيعي، سواء كان صارماً أو احصائياً. فيما بعض آخر دال على الفوضى والعشوائية كالسحب المنتشرة هنا وهناك من دون نظام محدد دقيق، وكتوزيع النجوم والمجرات في الكون، والانفجارات التي تحصل فيها وما تسببه من فوضى نسبية. فيما بعض ثالث دال على اللاتحدد الموضوعي، كما يلاحظ في سلوك الجسيمات المجهرية. كذلك ثمة ما يدل على الذكاء، كما في حالة الابداعات البشرية.

وجميع هذه الظواهر أصبحت معروفة وقابلة للتفسير ضمن شروطها وحدودها الخاصة، فنعرف ما يعود إلى النظام، أو إلى الفوضى والعشوائية، أو إلى اللاتحدد الموضوعي، أو إلى الذكاء. وتبقى مسائل محدودة لم ينحسم فيها الجدل، مثل تلك المتعلقة بالحياة، فقد ظلت عصية عن ان تُصنف علمياً - بشكل واضح - إلى أي نوع من هذه الأصناف تعود. وأغلب العلماء يعتبرونها مصنوعة من عوامل مشتركة عائدة إلى العشوائية والقانون الطبيعي وإنْ لم تعرف ماهية هذا القانون، أو إلى الجواذب والنُظم الذاتية.

وفي جميع الأحوال تخضع مثل هذه التفسيرات لمعيار الطبيعانية. فيما ذهب بعض إلى انها تصنف ضمن الذكاء لاحتوائها على نظام المعلومات المعقدة التي لا تُفسَّر بالقوانين الطبيعية ولا غيرها باستثناء عامل الذكاء.


[1]    National Academy of Sciences, The Science and Applications of Synthetic and Systems Biology, 2011. Look:https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK84466/

[2] http://www.brooklyn.cuny.edu/bc/ahp/LAD/C4b/C4b_cytoskeleton.htm

[3]    https://www.sciencedaily.com/releases/2018/01/180117131202.htm 

[4]    فرانسيس كريك: طبيعة الحياة، ص48.

[5]    التطور: ما يزال نظرية في أزمة، ص317.

[6]    مغامرة الكائن الحي، ص205.

[7]    Frank B. Salisbury, Doubts about the Modern Synthetic Theory of Evolution, 1971. Look:https://online.ucpress.edu/abt/article/33/6/335/9107/Doubts-about-the-Modern-Synthetic-Theory-of

[8]    حافة التطور، ص142ـ143. وانتوني فلو: هناك إله، ترجمة جنات جمال، مركز براهين، الطبعة الأولى، 2017م، ص87. لكن جاء في الكتاب الأخير ذكر خمسين صفحة وليس خمس صفحات، وهو خطأ. انظر في هذا المجال أيضاً:https://everything2.com/title/Notes+Towards+the+Complete+Works+of+Shakespeare

[9]    https://uncommondescent.com/intelligent-design/id-foundations-11-borels-infinite-monkeys-analysis-and-the-significance-of-the-log-reduced-chi-metric-chi_500-is-500/

[10]   الجديد في الانتخاب الطبيعي، ص198.

[11]   Edmund Jack Ambrose, 1982. p.116-121.

[12]   الجديد في الانتخاب الطبيعي، ص75.

[13]   فرانسيس كريك: طبيعة الحياة، ص49.

[14]   فلاتكو فيدرال: الواقع الذي نحياه.. وكيف نفكك شفرته، ترجمة عاطف يوسف محمود، المركز القومي للترجمة، القاهرة، الطبعة الأولى، 2016م، ص225.

[15]   David L Abe, The Universal Plausibility Metric (UPM) & Principle (UPP), 2009. Look:https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/19958539/

[16]   Ibid.

[17]   Seth Lloyd, Computational Capacity of the Universe, 2002. Look:http://fab.cba.mit.edu/classes/862.16/notes/computation/Lloyd-2002.pdf 

[18]   https://selfawaresystems.com/2014/09/08/the-whole-universe-cant-search-500-bits/

[19]   James B. Glattfelder, Information– Consciousness–Reality, 2018, p.473. Look:https://link.springer.com/content/pdf/10.1007%2F978-3-030-03633-1.pdf

[20]   https://en.wikipedia.org/wiki/Programming_the_Universe

[21]   James B. Glattfelder, 2018, p.489-490.

[22]   فلاتكو فيدرال: الواقع الذي نحياه.. ص232.

[23]   الاقتراب من الله، ص169.

[24]   James B. Glattfelder, 2018, p.496.

[25]   Ibid., p.496.

[26] حقيقة ان ديمبسكي في مقالة لاحقة أشار إلى ان عمر الكون هو أقل من الرقم الذي حسبه بمليار مرة، لكنه مع ذلك اعتمده في حساباته. انظر:William Dembski, The logical underpinnings of intelligent design, 2012, p.9. Look:https://citeseerx.ist.psu.edu/viewdoc/download?doi=10.1.1.212.3024&rep=rep1&type=pdf

[27] لقد ظهر الحساب الخاطئ لديمبسكي عام 1998 كما في كتابه (دليل التصميم) ومثله (لا غذاء مجاني) عام 2002. ويبدو انه لم يتغير في دراساته اللاحقة، على الأقل حتى عام 2010 كما في كتابه (تصميم ذكي غير مراقَب). انظر:William A. Dembski, The Design Inference: Eliminating Chance through Small Probabilities, 1998, p. 209. Look:https://b-ok.africa/book/1109302/fe03c8كذلك:William A. Dembski and Jonathan Witt, Intelligent Design Uncensored, 2010, p. 63. Look:https://b-ok.africa/book/3718521/6bfe57

[28]   للتفصيل انظر: توقيع في الخلية، ص289ـ290. كما انظر ملاحظة ستيفن ماير حول حساب ديمبسكي في هامش 4 من الفصل العاشر، ص680.

[29]   David L Abe, 2009.

[30]   Fred Hoyle and N.C. Wickramasinghe, 1981, p. 24. Also: Fred Hoyle, 1983, p. 16-19. And: Hoyle and Wickramasinghe, Astronomical Origins of Life: Steps Towards Panspermia, 1999, p. 98. Look:http://library.lol/main/C63D72523160D5DCFC882167DD47E1FF

[31]   Alfred S. Posamentier and Ingmar Lehmann, Magnificent mistakes in mathematics, 2013. Look:

http://library.lol/main/C5619BEAE9BD1D4376EAAC9124E79B25

[32]   Hans C. Ohanian, Einstein’s Mistakes: The Human Failings of Genius, 2009. Look:

http://library.lol/main/B6FED408EA84299682FD1CACFFD33ED2

[33]   ستيفن ماير: توقيع الخلية، ص286.

[34]   Edmund Jack Ambrose, 1982. p.135.

[35]   https://quotefancy.com/quote/1360939/Linus-Pauling-Just-one-living-cell-in-the-human-body-is-more-complex-than-New-York-City

[36]                                         https://en.wikipedia.org/wiki/Linus_Pauling

comments powered by Disqus