-
ع
+

نشأة حركة التصميم الذكي

يحيى محمد

ظهرت فكرة "التصميم الذكي" في الوسط الامريكي بعد جدل حول نظرية التطور استمر عقوداً من الزمن. ففي عشرينات القرن الماضي نجحت المعارضة الدينية المسيحية في غلق تدريس مادة التطور لدى المدارس الحكومية، واستمر هذا الحال لأربعة عقود قبل ان يعاد تدريسها خلال الستينات، ثم ظهرت سلسلة من الدعاوى القضائية المطالبة باضافة تدريس نظرية الخلق مع التطور جنباً إلى جنب.

وفي عام 1966 خصص مؤتمر ويستار في فيلاديفيا انعقاده حول نقد الداروينية الجديدة. وقد أثرت نتائجه على أعمال الكثير من العلماء، بل وكانت من أهم الأسباب التي أدت إلى ولادة "حركة التصميم الذكي IDM".

وبعد سنوات أربع من هذا المؤتمر نشر عالم الكيمياء الحيوية ويلدر سميث Wilder-Smith كتاباً بعنوان (خلق الحياة The Creation of Life)، حيث دافع فيه عن الخلقوية وحجة التصميم لوليام بيلي تبعاً للحسابات الاحتمالية للتسلسل الجيني، والذي قال انه لا يمكن تفسيره بالتطور، بل انه يتطلب “الضرورة المقيتة للنشاط الذكي الإلهي وراء الطبيعة”. وكان لأبحاثه وكتاباته تأثيرها على نشاطات حركة التصميم الذكي، ومن ذلك ما اعترف به زعيم هذه الحركة وليام ديمبسكي William Dempsky عام 2005 بالقول: إن “أفكار ويلدر سميث البديهية حول المعلومات كانت الدافع لكثير من أبحاثي”[1].

وفي عام 1974 صدر كتاب مدرسي هام بعنوان (الخلقوية العلمية Scientific Creationism)، شارك في تأليفه وإعداده مجموعة من العلماء والمدرسين والاستشاريين والفنيين التابعين لمعهد أبحاث الخلق، وحرره مدير هذا المعهد المناصر لفكرة خلق الأرض الفتية هنري موريس Henry Morris. ويعتبر الكتاب مادة تعليمية معتمدة لدى بعض مدارس كاليفورنيا آنذاك. ويمتاز بأنه يقدّم وجهة نظر علمية خالصة بغض النظر عن معاضدة الكتاب المقدس. لذلك حرص مؤلفوه على تقديم الأدلة المادية المعترف بها في المجال العلمي دون اشارة إلى الكتاب المقدس والمؤلفات الدينية الأخرى. وطرحوا في هذا المجال نظريتهم الخلقوية كبديل علمي مناهض لنظرية التطور. ورأوا ان الأصول والتاريخ القديم كلاهما يدعمان فكرة الخلق المباشر بدلاً من التطور[2]. كما أوجبوا ان يكون الطالب على دراية بالأصول، مثل أصل العناصر والقوانين التي تحكم تفاعلات المواد الكيميائية، وأصل الكون والنظام الشمسي، وأصل الحياة وعدد مختلف من أنواع الكائنات الحية، وأصل الظواهر الاجتماعية واللغوية... الخ[3].

والنقطة المحورية في الكتاب تكمن في اعتقاد مؤلفَيه بأن إثبات أي تصور عن "الأصول Origins" من خلال المنهج العلمي أمرٌ مستحيل، إذ إن جوهر الطريقة العلمية يقوم على الملاحظة التجريبية والتكرار، في حين أن قضايا الأصول لا تُلاحظ ولا تتكرر.

ومن هذا المنطلق، رأى المؤلفون أن البحث في الأصول - رغم أهميته الفلسفية - لا يتحقق عبر المشاهدة الحسية، بل من خلال الإيمان. . فكل خطوة في هذا المسار، سواء تعلقت بالخلق أو بالتطور، لا تستغني عن الإيمان بصحة ما يُفترض.

وطبقوا هذه الرؤية على قضية الخلق، مؤكدين أنه لا يمكن إثباته علمياً، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى نظرية التطور. فالخلق والتطور من هذه الناحية سيّان لا يتقبلان الإثبات التجريبي، ولا يمكن استحضار شروطهما في المختبر. واستشهدوا على هذه الفكرة بأقوال عدد من العلماء الذين أكدوا نفي وجود أي طريقة لاختبار نظرية التطور[4].

وبناءً على ذلك، أوصوا بضرورة ان يتخلص الطلبة من الفكرة الراسخة التي تجعل نظرية التطور "علمية"، فيما نظرية الخلق "دينية". بل وأشاروا إلى أن المقارنة بين النموذجين، في كل نقطة خلاف، تميل بالكفة لصالح الخلق من حيث الاتساق العلمي. ومن ثم انتهوا إلى ان البيانات العلمية ليست أوثق من خطابات الكتاب المقدس؛ مذكرين بأن الوحي واضح وموثوق به تماماً، وان الحقائق العلمية المفسرة بشكل صحيح ستعطي نفس شهادة الكتاب المقدس، وليس ثمة أدنى احتمال في تعارضهما[5].

هذه فكرة مجملة عن كتاب (الخلقوية العلمية).

وبعد سنتين من صدوره نشر المخترع الخلقوي ريتشارد بليز Richard B. Bliss كتاباً صغيراً يسير في الاتجاه نفسه، بعنوان (الأصول: نموذجان: تطور، خلق)، جاء فيه انه وفقاً للتصميم الابداعي تم انشاء جميع عمليات الحياة لتعمل تماماً كما نراها اليوم، مستشهداً على ذلك بآليات الخلية الحية وأجزائها الدقيقة التي تُظهر بوضوح آثار الإبداع. فالمصمِّم - بحسب هذا النموذج - هو إله الخلق، الذي لم يكتفِ بإنشاء الحياة وهندستها، بل منحها غايتها أيضاً. . وبهذا أعلن انتماءه إلى أنصار نموذج "التصميم الإبداعي"، أو "الخلقوي"، في مقابل نموذج التطور[6].

ومنذ عام 1981 فما بعد، أكد العالمان فريد هويل Fred Hoyle وويكراماسينج Wickramasinghe أن نشأة الحياة تتجاوز حدود التفسير الطبيعاني، نظراً لما تنطوي عليه من تعقيد هائل، وهو ما يستدعي الإقرار بوجود ذكاء وتخطيط غائي مسبق. فالحياة – في نظرهما - تتطلب كمية ضخمة من معلومات لا يمكن لقوانين الطبيعة ولا العمليات العشوائية ان تستوفيها.

جذور نظرية التصميم الذكي

في عام 1984 بدأت جذور نظرية التصميم الذكي تظهر في كتاب (لغز أصل الحياة The Mystery of Life's Origin) لكل من الكيميائي تشارلس ثاكستون Charles Thaxton وزميليه والتر برادلي Walter Bradley وروجر أولسن Roger Olsen. إذ تضمن تقديم فكرة المسبب الذكي كقضية علمية في قبال التفاسير الطبيعانية لنشأة الحياة.

فقد تناول الباحثون الثلاثة نقد الفرضيات المادية في تفسير نشأة الحياة، ووضعوا قبالها فرضية تتعلق بعنصر الذكاء، وقد وصفوه بالمصدر، أو المسبب، أو الخالق الذكي Intelligent Creator، لكنهم لم يأتوا على ذكر مصطلح "التصميم الذكي" أو "المصمِّم الذكي".

واعتمدوا في هذا الافتراض على التمييز بين علمين مختلفين، أحدهما "علم النشأة والأصول origin science"، ويتناول الأحداث الفردية كما تتمثل في أصول الأشياء؛ كبداية الكون ونشأة الحياة. والثاني "علم العملياتoperation science "، ويختص بالظواهر المتكررة والتي تخضع لقوانين الطبيعة. وأكدوا أنه في حين يمكن إخضاع الظواهر المتكرّرة للفحص المخبري، فإن الأحداث الفردية لا يمكن إخضاعها لمثل هذا الفحص، وذلك باعتبارها غير قابلة للتكرار، وهو ما يجعل البتّ في فرضياتها قائماً على "المعقولية" وعدمها، لا على أساس الاختبار أو قابليتها للتكذيب. وقد طبّقوا هذا المبدأ على نشأة الحياة، لكونها حدثاً لا يتكرر، فلا يستطيع العلم اختبار نظرياته عليها.

وتُعدّ هذه الفكرة تطويراً لما جاء في كتاب (الخلقوية العلمية) قبل عقد من الزمان. وأشار ثاكستون وزميلاه إلى انه في العديد من الحالات نعزو بعض الأحداث إلى أسباب ذكية، مثل وجود المنحوتات والآلات واللوحات الفنية والقوانين اللغوية، واعتبروا ذلك يتفق مع ما يحمله الحامض النووي "الدنا DNA" من رسائل معلوماتية معقدة. بمعنى ان من المعقول تماماً عزو هذا التركيب المعقد إلى مسبب ذكي. وبالتالي افتراض وجود خالق يقف وراء الكون والحياة، معتبرين هذا الافتراض يمثل وجهة نظر معقولة لعلم النشأة والأصول، دون ان يُقصد به وجود دليل علمي على مسألة الخالق[7].

هذه فكرة اجمالية لكتاب (لغز أصل الحياة) الذي تضمن مقدمة كتبها دين كينيون Dean Kenyon لاستعراض أهميته، والذي نشر مقالاً في نفس العام أكد فيه بأن “وجهة نظر الخلقوية عن الأصول مفضلة على وجهة النظر التطورية.. وأن النُظم الجزيئية الحيوية تتطلب الذكاء والدراية في التصميم والهندسة”[8].

ومعلوم ان كينيون سبق له ان تبنى نظرية التجاذب الذاتي الطبيعاني أواخر الستينات، لكنه انقلب عليها أواسط السبعينات، ومن ثم أخذ يتبنى فكرة التصميم الذكي، كما يظهر في كتاب (الباندا والناس Pandas and Of People) الذي شارك في تأليفه مع بيرسيفال ديفيز Percival Davis عام 1989. هذا على الرغم من ان زعيم حركة التصميم فيليب جونسون Philip Johnson أشار إلى انه بحلول عام 1995 أصبح كينيون مؤيداً للتصميم الذكي كتفسير للتعقيد المتأصل في الحياة[9].

وفي عام 1986 تطورت الفكرة لدى ثاكستون فنشر ورقة علمية بعنوان (علم النشأة: قواعد جديدة، وأدوات جديدة لمناقشة التطور Origin Science: New Rules, New Tools for the Evolution Debate). ثم قام بتوسعتها في نفس العام تحت عنوان (الحامض النووي الدنا والتصميم وأصل الحياة) وقدّمها كجزء من مؤتمر يسوع المسيح في دالاس - تكساس. فعلى خلاف ما جاء في (لغز أصل الحياة) أخذ يقر بامكانية اثبات وجود مسبب ذكي لأصل الحياة بالدليل العلمي اعتماداً على البايولوجيا الجزيئية ونظرية المعلومات. وفي الوقت ذاته اعترف ان العلم القائم على جزيئة الحامض النووي وإن كان بمقدوره اثبات الذكاء بالدليل، لكنه لا يرشدنا بشيء حول ما إذا كان عامل الذكاء موجوداً ضمن الكون أو خارجه، ويبقى تحديد ذلك يعود إلى الحجج التاريخية أو الفلسفية أو اللاهوتية أو من خلال النظر في خطوط الأدلة ذات الصلة بمجالات العلوم الأخرى غير المتعلقة بالحامض النووي[10].

وفي هذا العام بالذات (1986) ذكر مدير مؤسسة الفكر والأخلاق جون بويل Jon Buell ما جرى بينه وبين تشارلس ثاكستون من مناقشة طويلة في مكالمة هاتفية حول الاسم الذي ينبغي الاتفاق عليه، فتوصلا إلى مصطلح "التصميم الذكي"، وذلك قبل ثلاثة أشهر تقريباً من مداولة محكمة قضية إدواردز ضد أغيلارد (Edwards v. Aguillard)، كما وقبل تسعة أشهر من صدور الحكم الذي يقضي بمنع المدارس الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية من تدريس النظرية الخلقوية كبديل علمي لنظرية التطور [11].

وفي حزيران من عام 1988 عقد ثاكستون مؤتمراً في واشنطن بعنوان (مصادر محتوى المعلومات في الحامض النووي الدنا). وفي كانون الأول (ديسمبر) من نفس العام عقد مؤتمراً آخر قرر فيه استخدام مصطلح "التصميم الذكي" لحركته الجديدة، وقد جذب المصطلح ستيفن ماير الذي كان حاضراً في المؤتمر.

الباندا والناس ونقطة التحول

بدأت نقطة التحول الهامة عام 1989، حيث ظهر كتاب (الباندا والناس Pandas and Of People) لمؤلفيه بيرسيفال ديفيز ودين كينيون، وحرره تشارلس ثاكستون ونشرته مؤسسة تكساس للفكر والأخلاق (GTF). وهو أول بحث يستخدم اصطلاح "التصميم الذكي" بشكل منهجي وتظهر فيه عبارة "نظرية التصميم"، لذلك يمثل البداية الفعلية لحركة التصميم. وهو كتاب مدرسي حول الأصول البايولوجية، ومخصص لصفوف علم الأحياء في المدارس الثانوية. وتأتي أهميته كما قال عالم الأحياء التطوري نايكولاس مازكي Nicholas Matzke بأنه إذا نجحت حركة التصميم الذكي مطلقاً فستكون الحركة الأولى في تاريخ العلوم تبدأ من كتاب مدرسي للمدارس الثانوية لتنتهي إلى احتضانها من قبل مجتمع البحث العلمي[12].

وبحسب ريتشارد أولي Richard Aulie فإن مفهوم التصميم الذكي كما ورد في (الباندا والناس) يحمل ثلاث عبارات تعريفية كالتالي:

1ـ النظرية القائلة بأن الكائنات البايولوجية تدين في أصلها لذكاء موجود سلفاً.

2ـ ان التصميم الذكي هو ما يحدد أصل الكائنات الحية الجديدة متمثلاً في سبب غير مادي ضمن مخطط، أو نمط ابتكره عامل ذكي.

3ـ يعني التصميم الذكي أن أشكالاً مختلفة من الحياة بدأت فجأة من خلال وكالة ذكية، مثل الأسماك ذات الزعانف، والطيور ذات الريش والمناقير والأجنحة[13].

وأثار كتاب (الباندا والناس) جدلاً واسعاً بين الأوساط الاكاديمية والهيئات الادارية، وأُعيدت طباعته عام 1993، ومن ثم ظهرت الطبعة الثالثة الهامة عام 2007 بعنوان (تصميم الحياة The Design of Life: اكتشاف علامات الذكاء في النُظم البايولوجية).

ونُسبت هذه الطبعة إلى كل من وليام ديمبسكي وجوناثون ويلز Jonathan Wells؛ لتضمنها مادة جديدة تُقدّر بحوالي ثلثي الكتاب، وان ما تبقى من الثلث خضع هو الآخر إلى بعض الاصلاح بما يتناسب مع التطورات الحديثة التي طرأت على علم الأحياء، كالذي أشار إليه الباحثان في مقدمة الكتاب[14]. مع ان الانصاف كان يقتضي ذكر اسمي المؤلفين الأساسيين مع الباحثين الذين أجريا الاضافات والاصلاح.

وبحسب تقييم عالم الكيمياء الحيوية مايكل بيهي Michael J. Behe للكتاب فإنه كما قال: “عندما يسرد المؤرخون المفكرون في المستقبل الكتب التي أطاحت بنظرية داروين، سيكون كتاب (تصميم الحياة) في المقدمة”[15].

ومعلوم ان الكتاب مخصص لاثبات التصميم الذكي علمياً، مع نقد اطروحات أصل الحياة ونظرية التطور الداروينية. لكنه لا يحدد هوية المصمم، فمن وجهة نظر بعض أنصار التصميم انها قضية تتجاوز النطاق العلمي.

وتعرّض كتاب (الباندا والناس) لانتقادات كثيرة من المعارضين للتصميم الذكي. فقد وصفه عالم الحيوان مايكل روز Michael Ruse بأنه عديم القيمة وغير نزيه.

كما اعتبره عالم الحفريات كيفن باديان Kevin Padian بأنه يمثل تشويهاً شاملاً للبايولوجيا الحديثة، وكما قال “من الصعب أن نحدد ما هو أسوأ شيء في هذا الكتاب: المفاهيم الخاطئة في مضامينه، أو التعصب قبال العلم الصادق، أو عدم الكفاءة التي يقدّم بها العلم. على أي حال، يجب تحذير المعلمين من استخدام هذا الكتاب”.

كذلك صرّح الرئيس السابق للجمعية الوطنية لمدرسي العلوم جيرالد سكوج Gerald Skoog بالقول: “حتى إذا كنت تتجاهل عدم الدقة وتشويه النظرية العلمية في (الباندا والناس)، فإنه لا يمكن اختبار الادعاء بأن الحياة هي نتيجة التصميم الذكي بالوسائل العلمية، ومن ثم ليس له القدرة على تفسير العالم الطبيعي”.

كما ان المحامي ريموند فاسفاري Raymond Vasvari وصف الكتاب بأنه ليس كما يزعم أصحابه بأنه كتاب علمي، بل هو أداة سياسية يمكن تسميته بحصان طروادة الفكري لليمين الديني[16].

واُتهم الكتاب بأن في مسوداته تم تغيير جميع الاشارات التي تتعلق بالخلق. فلم تعد ألفاظ الخلق شيئاً مذكوراً في الطبعة المنشورة، حيث عوضاً عنها أصبح موضوع الكتاب الرئيسي هو "التصميم الذكي" والذي تم استخدامه حوالي (65 مرة)، كما اشتمل على حوالي خمسة عشر مصطلحاً فشكّل معجماً جديداً للمصطلحات المناسبة لمفهوم التصميم الذكي، مثل: أنصار التصميم، عامل التصميم، الوكالة الذكية، الوكيل الذكي، السبب الذكي، المصمم الذكي، الذكاء النشط، التدخل الذكي، المصمم المشترك.. الخ. ووظيفة هذا المعجم هي اثبات امكانية معارضة نظرية التطور علمياً بدون استخدام لغة دينية[17].

وتعتبر الفقرة الأخيرة أهم خاصية في الكتاب، وهي انه لم يستخدم اللغة الدينية ومصطلحاتها، وعلى رأسها فكرة الخلق المباشر. بل حتى لم يُشِر ولو بكلمة واحدة إلى الله أو الخالق أو الكتاب المقدس أو الخليقة أو علم الخلق. بل استخدم مصطلح وكيل ذكي أو وكالة ذكية، وقد يعني بذلك ما ينوب عن الخالق في علاقته بالمخلوقات[18]. وهو المرجح.

وعلى العموم وُجهت إلى هذا الكتاب تهمة ممارسة التقية وتفادي ما حصل من منع الحكومة الامريكية تدريس "نظرية الخلق" في قضية إدواردز ضد أغيلار، وهذا ما تم تأكيده في محكمة دوفر عام 2004.

وفي عام 1996 ظهر كتاب (صندوق داروين الأسود Darwin's Black Box) لمايكل بيهي، وقد اعتبره ستيفن ماير انه استطاع بمفرده تقريباً ان يجعل لفكرة التصميم الذكي مكاناً على الخارطة العلمية والثقافية. وبعده بسنتين نشر وليام ديمبسكي كتاب (دليل التصميم The Design Inference)، والذي يمثل الأساس العلمي المعتمد عليه في تحديد الظواهر المصممة وفق بعض المعايير المناسبة.

الاتهامات الموجهة لحركة التصميم الذكي

في منتصف التسعينات (1996) تم انشاء مركز العلوم والثقافة؛ المدعوم كجناح ابداعي لمعهد ديسكفري Discovery Institute (DI) المتأسس عام 1990 في واشنطن، وكان الغرض منه إدراج "التصميم الذكي" في مناهج البايولوجيا العامة للمدارس. والهدف من ذلك قلب الهيمنة الخانقة للرؤية المادية للعالم كما تتمثل بالداروينية.

ويعتبر هذا المعهد قطب الرحى من حركة التصميم الذكي. فجميع أنصار التصميم إما يشكلون فريقاً للمعهد أو زملاء مؤيدين. وأغلب مفاهيم التصميم والحركة المرتبطة بها هي من نتاجه. وهو الذي يوجّه مسار الحركة ويتبع استراتيجية الوتد في ادارته للبرامج ذات الصلة بفكرة التصميم الذكي.

ويتهم المعارضون لهذا المعهد بأن له خطاباً مزدوجاً، فهو يدعي ان التصميم الذكي ليس دينياً عند الخطاب الموجه للناس عامة، لكنه يتبنى رؤية مسيحية تتجاوز مجرّد الإبداع الذكي، وكثيراً ما يشار إلى ان للتصميم الذكي جذوراً في الكتاب المقدس، وان الهدف الذي يتولاه هو بالاضافة إلى محاولة التأثير على صانعي الرأي في المجال العلمي؛ فكذلك انه يسعى إلى بناء قاعدة شعبية بين المسيحيين خلال ندواته الخاصة. وكما يصرّح القائمون عليه: نحن نهدف إلى تشجيع وتزويد المؤمنين بالأدلة العلمية الجديدة التي تدعم الإيمان، وكذلك بثّ أفكارنا في الثقافة العامة الأوسع انتشاراً.

كما لوحظ على أتباع هذه الحركة، أنه بالرغم من إصرارهم على أن أطروحاتهم لا تتطلب مكوناً دينياً، إلا أن مزاعم التصميم الذكي تثير بطبيعتها القضايا الفلسفية واللاهوتية على نحوٍ لا يمكن تجاوزه.

ويتابع المعارضون انتقاداتهم، فيرون انه على الرغم من ان هذه الحركة لا تشير إلى الله كمصمم، فإن فكرة "المصمم" غالباً ما يُقصد بها الإله، ومن ثم تتضمن إقحام الخالق في تفسير الظواهر الكونية والحياتية تحت وطأة ما يُعبّر عنه بـ "إله الفجوات". بل ان زعيم حركة التصميم الذكي وليام ديمبسكي قدّم بعض المواصفات السلبية لخصائص المصمم، وهو انه لا يمكن أن يكون عامل الذكاء المترأس لأصل الكون والحياة متصفاً بالجسدية الصارمة. وهو قد افترض في (دليل التصميم) أن الثقافة الغربية يمكن أن تفي بهذه المتطلبات[19].

لكن من وجهة نظر عدد من أصحاب نظرية التصميم ان سبب عدم تحديد المصمم هو لأنه لا يُعرف علمياً ان كان المصمم خارقاً للطبيعة وخارجاً عنها أم انه يقبع في صميم الطبيعة ذاتها، كالذي أشار إليه الكيميائي الحيوي مايكل بيهي في عدد من المناسبات. وسبق لثاكستون ان صرّح بمثل هذا الحال.

كذلك أشار عالم الأحياء الجزيئية دوكلس أكس Douglas Axe إلى ان المبادئ العلمية هي التي تجبرنا على ان نُنسب الحياة إلى مخترع هادف أو مصمم ذكي، وان أنصار التصميم يتقبلون هذا الوصف الغامض، ليس لأنهم يريدون تمرير فكرة الله إلى العلم، بل لأن القفز من المصمم الذكي إلى الله يتطلب شيئاً يتجاوز المبادئ الأساسية للعلم[20].

وبلا شك ان أكثر الشبهات والأخطاء المتداولة هي اتهام فكرة التصميم بالخلقوية المباشرة. وهو اتهام غير صحيح؛ سواء من الناحية النظرية، أو من حيث لحاظ اختلاف الآراء التي التزم بها أنصار التصميم الذكي.

فالفكرتان مختلفتان.. صحيح ان بعض المنتمين إلى نظرية التصميم الذكي يتبنى الفكرة الخلقوية مع السعي لارضاء الرؤى الدينية، لكن ذلك ليس هو التوجه العام لأنصار التصميم. فبعضهم اتّبع ذات الأسس العلمية السائدة بما فيها فكرة التطور، كما نلاحظ ذلك لدى مايكل بيهي وستيفن ماير. وبالتالي فالكل ليس سواء.

ورغم ان زعيم حركة التصميم فيليب جونسون أشار إلى ان الهدف من التصميم الذكي هو جعل الخلقوية مفهوماً علمياً كما يتبناها معهد ديسكفري، ولا يرى تناقضاً بين اعتبار التصميم الذكي يشير إلى "كيان خارق للطبيعة" وبين كونه يتصف بالعلمية[21]، إلا ان أنصار التصميم لا يتفقون على هذا المطلب، ومن ذلك ما ذكره ديمبسكي بأنه ليس الهدف من نظرية التصميم تبنّي فكرة الخلقوية، بل على العكس فإن هذه النظرية يمكن ان تُستعمل للكشف عن عيوب مفهوم الخلق المباشر[22].

وبحسب ستيفن ماير فإن للتصميم الذكي ثلاث نظريات هي كالتالي:

1ـ الإيمان بالعقيدة الدينية التي تقول ان الأرض فتية.

2ـ الإيمان بنظرية الخلق المتدرج.

3ـ الاعتقاد بالطفرات الكبروية[23].

وما يجمع بين هذه النظريات، هو الاعتقاد بوجود خالق يقف وراء توجيه ما يجري في الكون والحياة.

كما بحسب ستيفن ماير فإن التصميم الذكي يحمل فرضيات متعددة بشأن الحياة وتطورها. فإحدى هذه الفرضيات ترى أن المعلومات اللازمة لإنتاج أشكال جديدة من الحياة كانت محملة سلفاً في الخلية الأولى. فيما ترى فرضية أخرى ان هذه المعلومات كانت محملة مسبقاً في الظروف البدئية للكون، وفي الضبط الدقيق لقوانين الفيزياء، وليس في الخلية الأولى. ويرجّح أصحاب هذه الفرضية أن تكون لتلك القوانين ميول ذاتية نحو التنظيم.

كما هناك فرضية ثالثة تنص على وجود ذكاء مصمم يعمل على ايجاد دفعات متقطعة خلال فترات متباعدة من الزمن الجيولوجي. ويعتقد أصحاب هذا الرأي أن التشابهات التشريحية بين الكائنات لا تعود إلى سلف مشترك، بل إلى اعتبارات وظيفية وهندسية مشتركة. لذلك فإنهم يعوّلون على تعدد الفروع الحيوية بدلاً عن وحدة الأصل. وهم يرون أن المصمّم لا يتقيّد في إبداعاته التقنية لأي بنية، فقد يمكن التنبؤ بظهور نمط من الأعلى إلى الأسفل، حيث تبرز الاختلافات الشكلية واسعة النطاق فجأة، وذلك قبل أن تظهر الاختلافات الشكلية الأدنى على مستوى النوع أو الجنس. وهو على خلاف ما يتنبأ به أنصار التصميم الذكي القائلين بفكرة السلف المشترك، حيث يعتبرون أن تحاليل التطور السلالي المنجز على بنى وجزيئات مختلفة في نوعين من الكائنات يجب ان تؤدي إلى أشجار حياة متناسقة تشير إلى درجات متشابهة من الاختلاف والارتباط والتباعد عن السلف المشترك[24].

نكسة حركة التصميم الذكي

شكّل الحكم القضائي الصادر عن القاضي جونز في قضية دوفر Dover واحدة من أكبر الانتكاسات التي تعرضت لها حركة التصميم الذكي. ففي عام 2004، رُفعت دعوى قضائية في ولاية بنسلفانيا ضد منطقة مدارس دوفر، بهدف منع تدريس نظرية التصميم الذكي كمنافس لنظرية التطور الدارويني، وذلك على النحو الذي ورد في الكتاب المقرّر (الباندا والناس).

وعلى أثر ذلك، أصدر القاضي جونز في عام 2005 حكمه الشهير في اعتبار "التصميم الذكي" مذهباً خلقوياً متنكراً، أي انه اتجاه ديني لا يرقى إلى مستوى النظرية العلمية، ولا يستند إلى أدلة مثبتة قابلة للاختبار. وقد استند الحكم إلى مراجعة الطبعة الثانية من كتاب (الباندا والناس) الصادرة عام 1993، حيث اعتبر ان أصل الكتاب كان يتبنى النظرية الخلقوية ومعتقدها الديني، ثم قام الناشر والمحررون لاحقاً باستبدال مصطلح الخلق بالتصميم الذكي على أثر محكمة ادواردز عام 1987، إذ تم استبدال لفظ الخلق، وما يقاربه من ألفاظ، حوالي (150 مرة) إلى لفظ التصميم الذكي وما شاكله[25].

واستند القاضي في قراره إلى شهادات علمية بارزة، أبرزها شهادة فيلسوف العلم روبرت بينوك Robert T. Pennock، وكذلك شهادة أستاذة الفلسفة باربرا فوريست Barbara Forrest من جامعة جنوب شرق لويزيانا، وهي خبيرة في نقد حركة التصميم الذكي وأحد الشهود الرئيسيين في القضية نيابة عن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية. وتُعرف فوريست بكتابها (حصان طروادة الخلقوي Creationism’s Trojan Horse)، الصادر عام 2004، حيث تتهم فيه أنشطة حركة التصميم بأنها لا تتقيد بتعزيز الابداع في التصميم الذكي، بل تتجاوز ذلك إلى الترويج لرؤية دينية حول العالم تحت غطاء علمي زائف.

وقد اعترف أنصار التصميم بصحة ما أورده القاضي حول تطابق تعريفات لفظي علم الخلق والتصميم الذكي في المسودات الأولية لكتاب (الباندا والناس)، لكنهم اعتبروا مصطلح الخلق كان فضفاضاً وعاماً بحيث يختلف عن مصطلح الخلقوية الديني. لذلك لم يُحدد الخالق أو المصمم ان كان خارجياً أو داخلياً، أي ان كان مفارقاً أو غير مفارق. ونفى أصحاب الكتاب تبني فكرة الخلقوية، سواء في المسودة التي سبقت نشر الكتاب أو فيما تضمنته الطبعتان الأولى والثانية[26].

وذكروا حول ملابسات ما حصل هو ان إعداد الكتاب يعود إلى عام 1986 كمخطوطة بعنوان (البايولوجيا والأصول) قبل ان يتغير إلى ما هو عليه. وفيها نُقلت مفاهيم واصطلاحات ورقة (علم النشأة) لثاكستون، كما أن الحجج الرئيسة المستخدمة في هذه الورقة بقيت هي نفسها في (الباندا والناس). وكل ذلك حصل قبل عام واحد من اصدار الحكم في قضية ادواردز[27].

وبناءً عليه، كذّب عدد من أنصار التصميم الذكي التهمة القائلة بأن نظرية التصميم هي اعادة هيكلة الخلقوية للالتفاف على قرار المحكمة عام 1987، ومن ذلك استشهاد ستيفن ماير بأن نظرية التصميم تم تقديمها لأول مرة أواخر السبعينات وبداية الثمانينات على يد ثاكستون وزملائه، والتي أسفرت عن وضع كتابهم (لغز أصل الحياة) عام 1984، وهو كتاب تضمن محاولة تفسير الأسرار الغامضة لأصل المعلومات المشفرة في "الدنا". كما أشار ماير إلى أن نظرية التصميم الذكي تختلف اختلافاً جوهرياً، في المضمون والمنهج، عن النظرية الخلقوية التي تستند في أطروحتها إلى الكتاب المقدس. إذ تعتمد نظرية التصميم على نظام سببي مستخلص من الظواهر الطبيعية، لا على نصوص دينية[28].

وعلى أثر محاكمة دوفر شاعت فكرة ممارسة أنصار حركة التصميم الذكي الخداع والتقية، أي انهم يُظهرون الالتزام بالأساليب العلمية، فيما يُخفون دوافعهم الدينية. وبذلك كان الحكم على هذه الحركة قاسياً، إذ أصبح العلماء لا يكترثون بما يقدّمه أصحاب هذه الحركة من أدلة قوية ومعتبرة، بل كثيراً ما يُتهمون بأنهم ذوو اتجاه ديني متلبس بالعلم، أو انهم يمارسون العلم الزائف أو الكاذب.

لذلك كثيراً ما يوصف التصميم الذكي بأوصاف سلبية، كما في مجلة العلوم الداروينية، مثل اعتباره اسطورة أو فايروساً عقلياً، وانه الوجه العلمي الزائف للخلقوية الدينية، وانه يهدد كلاً من العلم والمجتمع باعتباره يعود بنا إلى العصور المظلمة، وانه مرعب مثل وحش فرانكشتاين Frankenstein's monster.. الخ[29].

والواقع أن حركة التصميم الذكي قامت في أصلها على تقويض التفسير الدارويني لتطور الحياة. وعلى الرغم من أن بعض أنصارها يميلون إلى تبني فكرة الخلقوية، إلا أن فريقاً آخر منهم لا يرى إشكالاً في قبول نظرية التطور شرط تضمنها الاعتراف بفكرة التصميم.

معارضة فكرة التصميم الذكي

لقد واجهت فكرة التصميم الذكي معارضة من جهتين متمايزتين: إحداهما دينية والأخرى علمية، وذلك على النحو الآتي:

المعارضة الدينية:

من حيث ردود الفعل الدينية، لم ترحب المنظمات الخلقوية بنظرية التصميم، ومن ذلك ان اثنين من أشهر المنظمات المدافعة عن "خلق الأرض الفتية YEC" في العالم أتخذتا موقفاً غير داعم للتصميم الذكي. وكما كتب اللاهوتي الامريكي هنري موريس عام 1999 يقول: “على الرغم من حسن النوايا، فإن نظرية التصميم الذكي غير مفيدة، فقد حاولت سابقاً وفشلتْ، وتحاول اليوم وستفشل. والسبب في ذلك انها طريقة غير انجيلية”. وأردف قائلاً: “بأن أدلة التصميم الذكي يجب أن تكون مأخوذة أو متوافقة مع فكرة الخلق في الكتاب المقدس، وذلك إذا ما أُريدَ لها أن تدوم وأن تكون ذات معنى”.

وفي عام 2002 انتقد كارل فيلاند Carl Wieland، من دعاة الأرض الفتية، المدافعين عن التصميم الذكي فقال: “انه على الرغم من نواياهم الحسنة إلا انهم أخرجوا الكتاب المقدس من النظرية، وبالتالي فانهم ومن دون قصد قد ساعدوا ودفعوا باتجاه هجر هذا الكتاب”. لكنه مع هذا اعتبر منظمته ليست ضد حركة التصميم الذكي ولا معها.

كذلك في عام 2005 انتقد مدير مرصد الفاتيكان جورج كوين George Coyne التصميم الذكي ووصفه بالنظرية الخلقوية الفجة التي قللت من دور الله لتجعله مجرد مهندس فحسب، معتبراً اياه بأنه ليس علماً رغم تظاهره بذلك.

كما اعتبر الفلكي اللاهوتي هيو روس Hugh Ross أن جهود المدافعين عن التصميم الذكي لفصله عن الكتاب المقدس؛ تجعل هذا التصميم يغرق في الغموض. إذ كتب في عام 2012 قائلاً: “إن انتصار التصميم الذكي من دون تحديد هوية المصمم تجعل النظرية سطحية، وهو بهذا لن يقدّم الكثير للمجتمع العلمي”[30].

كما أبدى بعض النقاد الدينيين كراهيته لنظرية التصميم؛ بسبب الخشية من اختبارها وتفنيدها؛ مثلما كان يحصل في الماضي بشكل متكرر[31].

ومعلوم ان نسبة كبيرة من الامريكيين يتقبلون الاطروحة الدينية للخلقوية. فمثلاً في عام 1991 أفاد استطلاع مؤسسة جالوب أن (47 %) من الأمريكيين يؤمنون بخلق خاص للانسان الحديث النشأة[32]. وفي عام 2012 وجدت هذه المؤسسة لدى استطلاعها أن (46 %) من الأمريكيين يعتقدون أن الله خلق البشر على شكلهم الحالي منذ حوالي عشرة آلاف عام[33].

المعارضة العلمية:

أما من حيث ردود فعل المجتمع العلمي حول التصميم الذكي، فيكاد يُجمع على أن التصميم الذكي ليس علماً، ومن ثم ليس له مكان في المناهج العلمية الدراسية. فالتصميم عادة ما يوحي باعادة حجة الساعة لوليام بيلي، وان المجتمع العلمي يعتبر داروين قد قضى على هذه الحجة نهائياً.

وكما صرحت الأكاديمية الوطنية للعلوم بالقول: “ان الخلقوية والتصميم الذكي وغيرها من الإدعات القائلة بتدخل قوة خارقة في تكوين الحياة والكون لا تُعتبر علماً، لأنها غير قابلة للتجريب حسب المنهج العلمي”.

كذلك صنّفت الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم نظرية التصميم الذكي ضمن العلوم الزائفة. وجادلت الانثروبولوجية يوجين كارول سكوتEugenie Carol Scott ، إلى جانب نائب مدير المركز الوطني لتعليم العلوم جلين برانش Glenn Branch وغيرهما من النقاد، بأن العديد من الاطروحات التي أثارها مؤيدو التصميم الذكي هي حجج من الجهل.

كما استنكرت منظمات علمية أخرى تكتيكات حركة التصميم متهمة اياها بشن هجوم مزيف على نظرية التطور من خلال الانخراط بالتضليل والتحريف، وتهميش أولئك الذين يدرّسون التطور.

وحديثاً حذّر معلم العلوم بيل ناي Bill Nye من أن وجهات نظر الخلقوية باتت تهدد تدريس العلوم والإبتكارات في الولايات المتحدة. الأمريكية

 كذلك هو الحال في اوروبا التي حذت حذو الولايات المتحدة. ففي حزيران من عام 2007، أصدرت لجنة الثقافة والعلوم والتعليم التابعة لمجلس أوروبا تقريراً بعنوان (مخاطر الخلقوية في التعليم)، وجاء فيه أن الخلقوية في أي من أشكالها، مثل التصميم الذكي، لا تقوم على الحقائق، ولا تستخدم أي تفسير علمي، ومحتوياتها غير مناسبة بشكلٍ كاف لدراسة العلوم. كما وصفت اللجنة المخاطر التي يتعرض لها التعليم عن طريق تدريس الخلقوية، واعتبرت التصميم الذكي مناهضاً للعلم، وينطوي على خداع واحتيال صارخ، وانه يطمس طبيعة وأهداف العلم وحدوده.

وفي الرابع من تشرين الأول (اكتوبر) من العام ذاته، وافقت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على قرار ينص بأنه ينبغي على المدارس مقاومة عرض الأفكار الخلقوية في أي مجال آخر غير الدين، بما في ذلك التصميم الذكي، والذي وصفته بأنه الإصدار الأحدث والأكثر دقة من الخلقوية، حيث تم تقديمه بطريقة أكثر دهاء. وأكّد القرار على أن الهدف من التقرير لا يقصد منه محاربة الاعتقاد، بل التحذير من اتجاهات معينة لتمرير الاعتقاد كعلم.

وفي بريطانيا صرحت إدارة التعليم والمهارات (DfES) بمنع تدريس نظرية الخلق والتصميم الذكي كموضوع في المدارس، كما يُمنع تحديدها في مناهج العلوم. وأشارت إلى أن التصميم الذكي ليس نظرية علمية معترفاً به، وانه غير مدرج في مناهج العلوم، لكنها تركت الطريق مفتوحاً ليتاح ادراجه في التعليم الديني كجزء من المقرر الذي وضعه المجلس الاستشاري المحلي الدائم للتعليم الديني.

وفي الخامس والعشرين من حزيران من عام 2007 ردّت حكومة المملكة المتحدة البريطانية على عريضة إلكترونية بالقول: إن الخلق والتصميم الذكي لا ينبغي تدريسهما كعلم، على الرغم من التوقع بأن يجيب المدرسون على أسئلة التلاميذ ضمن الإطار المعياري للنظريات العلمية القائمة.

وفي الثامن عشر من ايلول (سبتمبر) من نفس العام نشرت الحكومة ارشادات للمدارس في انجلترا تنص على أن التصميم الذكي يقبع خارج العلم كلياً، فهو لا يمتلك مبادئ أو تفسيرات علمية، ولا يقبله المجتمع العلمي ككل. وعلى الرغم من أنه لا ينبغي تدريسه كعلم، لكن يمكن توفير الفرصة لشرح أو استكشاف لماذا لا تعتبر نظرية التصميم الذكي علمية ضمن السياق الصحيح، في حين يعتبر التطور نظرية علمية. ومع ذلك يمكن لمدرسي المواد التعليمية مثل الدين أو التاريخ أو المواطنة ادراج النظرية الخلقوية والتصميم الذكي في دروسهم[34].

كما أعرب عدد من العلماء عن قلقهم من تنامي نفوذ فكرة التصميم الذكي، معتبرين إياها امتداداً للخلقوية، ومحذّرين من خطورتها لكونها تمثّل عودة إلى أطروحة "إله الفجوات". وقد رأوا فيها تهديداً للعلم الحقيقي، وهم يخشون من ان يأتي اليوم الذي تنتصر فيه؛ فيبدأ إسدال الستار على النور، إيذاناً بالعودة إلى العصور الوسطى، بل ان البعض اعتبرها شكلاً من أشكال الارهاب.

وقد ردّ عضو معهد ديسكفري جوناثان ويلز Jonathan Wells على ذلك بأن ما يهدد العلم الحقيقي وعدوّه الذي يجب محاربته هو "العلم الزومبي Zombie Science" كما يتمسك به الكثير، وليس التصميم الذكي[35].

هكذا تم اتهام أنصار التصميم الذكي بأنهم يسعون إلى القضاء على الطبيعة المنهجية للعلم واستبدالها بـ "الواقعية التوحيدية Theistic Realism" كما يسميها زعيم حركة التصميم الذكي فيليب جونسون، ومن ثم اتخاذها وسيلة لمنح الدين دوراً مركزياً في مجال التعليم والبحث العلمي.

***

ومن المؤاخذات الأخرى التي طرحها المعترضون على نظرية التصميم الذكي، هي ان أنصارها لا يمتلكون مقالات علمية منشورة في المجلات الرصينة، باستثناء واحدة متحايلة كما يرى البعض. ومعلوم ان إحدى المجلات العلمية المتخصصة قد نشرت دراسة لستيفن ماير عام 2004، وتعتبر الأولى من نوعها التي تقدم نظرية التصميم الذكي صراحة، وعلى أثرها تمت معاقبة محرر المجلة الدكتور ريتشارد ستيرنبرج Richard Sternberg[36]. كما جاء في محكمة دوفر ان المقالة الوحيدة المنشورة في مجلة علمية معتبرة هي مقالة بيهي وسنوك بعنوان (محاكاة التطور عن طريق النسخ الجيني لخصائص البروتينات) عام 2004[37].

فمن وجهة نظر الناقدين ان أنصار التصميم الذكي يفشلون في إتّباع اجراءات الخطاب العلمي. في حين علل ديمبسكي هذا الوضع باعتبار ان المجتمع العلمي السائد حالياً هو أشبه بالمتجر المغلق.

ورغم معاناة هذه الحركة من عدم الاعتراف بها وسط المجتمع العلمي والتضييق عليها، لكنها مع ذلك تمكنت من اصدار خمسين ورقة علمية حتى عام 2011. وفي عام 2015 بلغت الأوراق والمقالات والمحاضرات والكتب والمؤتمرات العلمية ما يقارب (90)[38]. إلا ان أغلب هذه الأوراق ليس بمعترف بها رسمياً.

والغريب ان ستيفن ماير ذكر في مقالة له عام 2008 ان أعضاء مركز العلوم والثقافة التابع لمعهد ديسكفري قد ألّفوا أكثر من ستين كتاباً ومئات الأبحاث والمقالات العلمية التي يتضمن الكثير منها تحدي التطور الدارويني، والتي مرت بعملية مراجعة أقران رسمية، بالإضافة إلى بعض الدراسات التي تحاجج لصالح نظرية التصميم الذكي[39].

تنامي زخم التصميم الذكي

رغم ان الحملات الأساسية لحركة التصميم الذكي قد برزت في الولايات المتحدة الامريكية كما هو الحال لدى معهد ديسكفري، إلا ان صداها قد بلغ بلداناً أخرى، وعلى رأسها اوروبا. والهدف الجامع لهذه الحركة هو العمل على اضافة معيار "غير طبيعاني" يفسر به ما يعجز المعيار الطبيعاني من تفسيره، لا سيما في المجال الحيوي الذي تعتبره هذه الحركة المنبع الخصب لمتطلبات التفسير اللاطبيعاني كما يتمثل في الذكاء.

وقد نشر معهد ديسكفري عام 2001 مقالاً تحت اسم (المعارضة العلمية للداروينية) مع توقيع العديد من العلماء وغيرهم؛ معبرين عن شكوكهم حول إمكانية الطفرات العشوائية والإنتخاب الطبيعي من تفسير تعقيد الحياة. ومع مواصلة جمع التواقيع؛ بلغ العدد في عام 2019 أكثر من 1000 توقيع[40].

وقد أثار هذا العمل حساسية المجتمع العلمي المعارض. فقام مجموعة من العلماء بإنشاء حملة سميت (مشروع ستيف Project Steve) تكريماً لعالم الحفريات الشهير ستيفن جاي جولد Stephen Jay Gould[41]، وتمكنت من الحصول على موقّعين ما يفوق العدد المتعلق بوثيقة معهد ديسكفري. فمثلاً في نهاية اكتوبر من عام 2021 تمت مشاركة 1472 توقيعاً، جميعهم باستثناء القليل، من حملة شهادة الدكتوراه[42].

وبلا شك ان قائمة الموقّعين للطرفين المتنازعين تجعل من الجدل العلمي مثاراً حول التفسير الطبيعاني للحياة وتطورها.

وبحسب ديمبسكي ان التصميم الذكي يكتسب زخماً سريعاً بين طلاب الجامعات والمعاهد. فذكر في (تصميم الحياة) الصادر عام 2007 انه منذ ثلاث سنوات كان هناك مركز واحد في إحدى جامعات كاليفورنيا[43]، أما الآن فهناك أكثر من 30 مركزاً في جامعات ومعاهد امريكا تدعم التصميم الذكي بشدة[44].

وفي عام 2014 اقيم مؤتمر حول التصميم الذكي في البرازيل، ولاحظ دعاته طبيعة الحضور المكثف مقارنة بالحضور القليل في عام 1998. وفي عام 2016 اتخذ نمو التصميم الذكي منحى متصاعداً[45].

لقد ازداد تنامي المؤيدين للتصميم الذكي وسط العلماء والطلبة والباحثين، وهو ما جعل جوناثان ويلز يعتقد بأنه سيكون البارادايم الذي يقود البحث في المستقبل[46].

وسبق للفيزيائي ديفيد سنوك ان وصف التصميم الذكي عام 2014 في مقالة له بعنوان (بايولوجيا النُظم كبرنامج بحثي للتصميم الذكي) بأنه نموذج ناجح يمكن ان يحتل مركزاً هاماً في العلم. وأشار إلى ان علم أحياء النُظم الذي نشأ في السنوات العشر الماضية هو أكثر توافقاً مع الإيمان بالتصميم الذكي مقارنة بالداروينية الجديدة. فهذا النموذج الجديد يحلل النُظم الحية كمفاهيم هندسية، مثل التصميم ومعالجة المعلومات والتحسين والمفاهيم الغائية الأخرى الصريحة.

ومما قاله بهذا الصدد: “لقد أصبح من الواضح في السنوات العشر الماضية أن مفهوم التصميم ليس مجرد وصف إضافي مفارق للنُظم البايولوجية دون ان يكون له نتائج علمية، انما هو في الواقع محرك للعلم. إذ يتم تدريب مجموعة كاملة من العلماء الشباب على "التفكير مثل المهندسين" عند النظر إلى النُظم البايولوجية، وذلك باستخدام مصطلحات تتعلق صراحة بمفاهيم التصميم الهندسي، مثل التصميم، والغرض، والتبادلات المثلى لأهداف متعددة، والمعلومات، والتحكم، واتخاذ القرار، وما إلى ذلك. واليوم يُنظر إلى هذا النهج، وفي نطاق واسع، بأنه نظرية كمية وتنبؤية ناجحة في علم الأحياء”[47].

***

عموماً، لا يُبدي أنصار التصميم الذكي اعتراضاً على أساليب البحث العلمي المتبعة، بل يتركّز اعتراضهم على معيار "الطبيعانية" الفلسفي؛ باعتباره الموجّه الرئيس للتفسير العلمي. وهم لا يرفضون هذا المعيار جملةً وتفصيلاً، وإنما يقترحون وضع حدود له. ولهذا يفضّل بعضهم، مثل مايكل بيهي، أن تُمنح للعلم نظرة أكثر شمولية تتيح له البحث عن حقائق الطبيعة عبر الاستدلالات المادية من غير قيود مُسبقة[48]. وأكّد انه في حالات معينة يمكن للعلم ان يتسع لاحتضان مبدأ التصميم الذكي، بل وحتى التنجيم، كالذي صرح به في محكمة دوفر.

وفي السياق نفسه، وفي المحكمة ذاتها، أشار زميله خبير الدفاع البروفسور سكوت مينيتش Scott Minnich إلى ضرورة توسيع القواعد الأساسية للعلم بما يتيح النظر في القوى الخارقة للطبيعة[49].

ونعتقد ان حركة التصميم الذكي لا تتموضع في طرف معادٍ للعلم، بل تسلك ذات النظام الاجرائي التقليدي المتبع كما زاولته الفيزياء منذ القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر. وبحسب تقسيمنا فإن العلم الحديث ولّد ثلاثة نُظم مختلفة، هي من الناحية التاريخية كالتالي: النظام الاجرائي والافتراضي والميتافيزيائي، كما نجدها شاخصة في الفيزياء

ونعتقد ان حركة التصميم الذكي لا تتموضع في طرف معادٍ للعلم، بل تسلك ذات النظام الاجرائي التقليدي المتبع كما زاولته الفيزياء منذ القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر. وبحسب تقسيمنا فإن العلم الحديث ولّد ثلاثة نُظم مختلفة، هي: النظام الإجرائي، وومن بعده النظام الافتراضي، ثم النظام الميتافيزيائي، وهي نظم نجدها شاخصة في تطور الفيزياء[50].

وعليه، فإن الاستدلال على التصميم الذكي لا يُعاب من حيث الشكل، إذ إنه يستند إلى شواهد تجريبية واستقرائية. وهذا ما تمسّك به أنصار هذه النظرية، إلى جانب نقدهم للتفسيرات الطبيعانية، تبعاً لذات المنطق العلمي.

ولو قارنا منهجهم بالنظامين الافتراضي والميتافيزيائي، لوجدناه أكثر التصاقاً بالمادة التجريبية، كتلك التي هيمنت على تفكير علماء الثورة العلمية الحديثة، أمثال نيوتن وكبلر وغاليليو. فطريقتهم تنتمي إلى المسلك التجريبي الاستقرائي، الذي عُدّ فيما مضى الأساس الوحيد للعلم، قبل أن يتّسع أفقه منذ مطلع القرن العشرين ليشمل نماذج أخرى تنتمي إلى النظامين الافتراضي والميتافيزيائي، وصولاً إلى يومنا هذا.

ويمكن مقارنة مسلكهم في استنتاج التصميم الذكي بمسلك نيوتن وغيره في استنتاج قانون الجاذبية. إذ استدل نيوتن على وجود الجاذبية من خلال الآثار المشاهدة والأرصاد، رغم إقراره بأنها تبدو ذات أثر "شبحي"، لعدم معرفة كيف تتم حالة الجذب عن بعد، فما هو الوسيط المؤثر بين الشمس والكواكب مثلاً؟ فالجاذبية، رغم واقعيتها، ما تزال غامضة ومجهولة الكُنه حتى اليوم؛ وكل ما نعرفه عنها إنما هو آثارها. أما غير ذلك فيمثل تفسيراً لما يظهر من آثار، كما في نظرية النسبية العامة لاينشتاين.

كذلك هو الحال فيما استنتجه أنصار التصميم الذكي حول المصمم، فهم من الناحية العلمية يؤكدون بأنه مجهول الهوية رغم ان له تأثيراً بيناً في الكثير من الأصول والظواهر الحيوية. وليس من الانصاف، ولا من المنطقي، مطاردتهم بسبب اعتقاداتهم الدينية الشخصية. فالكثير منهم يعتبر هذه الاعتقادات خارج نطاق العلم، أو أن هذا الأخير لا يمتد ليطالها أو يتعلّق بها. وهم من هذه الناحية لا يختلفون عن العلماء الملحدين، حيث ما يؤخذ منهم استنتاجاتهم العلمية، لا آراؤهم وفلسفاتهم الشخصية.

ولو غضضنا الطرف عن فارق روح العصر بين مسلك أنصار التصميم الذكي المعتدلين، ومسلك علماء النهضة العلمية الحديثة، لوجدنا ان المسلك الأول أقرب إلى التمسك بالتجربة والاستقراء وإبعاد الافتراضات الفلسفية والدينية الدخيلة مقارنة بالآخر. فمثلاً ابتلي نيوتن وغيره من العلماء بمنطق "إله الفجوات"، وهذا ما لا نجده لدى أنصار التصميم الذكي؛ أمثال بيهي وديمبسكي وماير ودنتون وغيرهم.


[1]https://en.wikipedia.org/wiki/A._E._Wilder-Smith

[2]Henry Morris, Scientific Creationism (General Edition), Prepared by the technical staff and consultants of the Institute for Creation Research, Edited By Henry Morris, 1974, Foreword. Look:.rs/book/index.php?md5=F92F935B9DFE3957C8CBFC216AD7F877

[3]Henry Morris, 1974, p. 1-2.

[4]Ibid, p. 4-6.

[5]Ibid, p. 15.

[6]   Richard B. Bliss, Origins : two models : evolution, creation, 1976, p. 13. Look:https://archive.org/details/originstwomodels0000blis/page/n9/mode/2up

[7] Thaxton, Bradley, Olsen: The Mystery of Life's Origin, 1984, p. 204-213. Look:http://libgen.rs/book/index.php?md5=9903F52BE6DBC56D9AB5E53FF199B12E

[8]   Barbara Forrest, Expert Witness Report, 2005, p. 15. Look:https://ncse.ngo/files/pub/legal/kitzmiller/expert_reports/2005_04_01_Forrest_expert_report_P.pdf

[9]   Barbara Forrest, 2005, p. 16.

[10]  Charles B. Thaxton, DNA, Design, and the Origin of Life, 1986. Look:http://www.leaderu.com/science/thaxton_dna.html

[11]  جون بول ومايكل بيهي: إعادة المحاكمة: القصة الخفية لقضية دوفر، ترجمة سارة بن عمر، مركز براهين، الطبعة الأولى، 2017، ص54.

[12]  Nick (Nicholas) Matzke, Critique: "Of Pandas and People", 2004. Look:https://web.archive.org/web/20160521193520/http://ncse.com/creationism/analysis/critique-pandas-people

[13]  Richard P. Aulie, A Reader's Guide to Of Pandas and People, 1998. Look:

https://web.archive.org/web/20160411002222/http://www.stephenjaygould.org/ctrl/archive/design/aulie_of-pandas.html

[14]  وليام ديمبسكي وجوناثان ويلز: تصميم الحياة، مصدر سابق، ص17 و19.

[15]  https://www.discovery.org/b/the-design-of-life/

[16]  Leon Lynn, Preview of Article: Creationists Push Pseudo-Science Text. Look:https://web.archive.org/web/20160826233505/http://www.rethinkingschools.org/restrict.asp؟path=archive/12_02/panda.shtml

[17]  Richard P. Aulie, 1998.

[18]  Ibid.

[19]  اعتمدنا في ذكر نشاطات معهد ديسكفري واتهامات المعارضين له على الموسوعة الحرة: https://en.wikipedia.org/wiki/Intelligent_design

[20] Douglas Axe, Undeniable: How Biology Confirms Our Intuition That Life Is Designed, 2016, p. 38. Look:https://b-ok.cc/book/5224492/e2c85d

[21]  Richard P. Aulie, 1998.

[22]  وليام ديمبسكي: النمط التفسيري الثالث: كشف أدلة التصميم الذكي في العلوم، ضمن العلم ودليل التصميم في الكون (1999)، ترجمة رضا زيدان، الدار العربية للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 2016، ص28.

[23]  ستيفن ماير: المنزلة العلمية للتصميم الذكي، ضمن العلم ودليل التصميم في الكون، مصدر سابق، ص201.

[24]  ستيفن ماير: توقيع في الخلية، ص630ـ633.

[25]  In the United States District Court for the Middle District of Pennsylvania, p. 32. Look:https://web.archive.org/web/20051221144316/http://www.pamd.uscourts.gov/kitzmiller/kitzmiller_342.pdf

[26]  جون بول ومايكل بيهي: إعادة المحاكمة، مصدر سابق، ص16 و32ـ34.

[27]  المصدر نفسه، ص48ـ49 و54.

[28]  ستيفن ماير: التصميم الذكي: فلسفة وتاريخ النظرية، ترجمة: محمد طه – عبد الله أبولوز، مركز براهين، الطبعة الأولى، 2016، ص10ـ12.

[29] Douglas Axe, 2016, p. 155.

[30]  اعتمدنا في نقل النصوص السابقة على الموسوعة الحرة: https://en.wikipedia.org/wiki/Intelligent_design

[31]  Michael J. Behe, Philosophical Objections to Intelligent Design, 2000. Look:https://www.discovery.org/a/445/

[32]  Richard P. Aulie, 1998.

[33]  https://finance.yahoo.com/news/bill-nye-warns-creation-views-154219490.html

[34] اعتمدنا في نقل المعلومات السابقة على الموسوعة الحرة:     https://en.wikipedia.org/wiki/Intelligent_design

[35]  جوناثان ويلز: العلم الزومبي، مصدر سابق، ص239ـ241.

[36]  انظر: ستيفن ماير: شك داروين، ترجمة موسى ادريس ومؤمن الحسن وآخرين، الطبعة الأولى، 2016، ص341ـ344. كذلك: توقيع في الخلية، المقدمة، ص10ـ11.

[37]  In the United States District Court for the Middle District of Pennsylvania, p. 88.

[38]  كيسي لسكين: التصميم الذكي ومراجعة الاقران، تحرير كيسي لسكين، ترجمة أسماء الخطيب وآخرين، مركز براهين، الطبعة الأولى، 2016، ج1، ص9.

[39]  ستيفن ماير: التصميم الذكي، مصدر سابق، ص93.

[40] https://evolutionnews.org/2019/02/skepticism-about-darwinian-evolution-grows-as-1000-scientists-share-their-doubts/

[41]  https://ncse.ngo/project-steve-n-1300

[42]  https://ncse.ngo/list-steves

[43]  يبدو ان ديمبسكي قصد عام 2003.

[44]  وليام ديمبسكي وجوناثان ويلز: تصميم الحياة، ص384ـ385.

[45]  العلم الزومبي، ص249.

[46]  المصدر نفسه، ص248.

[47] David Snoke, 2014.

[48]  مايكل بيهي: هل التصميم الذكي علم أم لا؟، ضمن: اعادة المحاكمة، مصدر سابق، ص76.

[49]  In the United States District Court for the Middle District of Pennsylvania, p. 68.

[50]  يحيى محمد: منهج العلم والفهم الديني.

comments powered by Disqus