-
ع
+

المشاكل التي واجهتها الداروينية (1-2)

يحيى محمد

واجه داروين العديد من المشاكل المستعصية حول نظريته في الانتخاب الطبيعي والتطور المتدرج، كما لاقى الكثير من اعتراضات العلماء في عصره. وتجنب علماء الاحاثة اطروحته لمدة طويلة من الزمن، حيث اعتقدوا بأن الأنواع ثابتة في العصور السابقة مثلما هي الحال في الوقت الحاضر، كالذي يشير اليه دعاة نظرية التوازن المتقطع عادة. وكان من أبرز علماء الاحاثة الذين عارضوا فكرة التحول النوعي كل من كوفييه وريتشارد أوين ولويس أغاسيز وباراندي Barrande وفالكونير Falconer وفوربس Forbes، ومثل هؤلاء جميع الجيولوجيين أمثال: تشارلس لايل - قبل تراجعه - ومورشيسون Murchison وسيدجوك Sedgwick وغيرهم ممن أشار اليهم داروين[1].

كما وجد الكثير من العلماء خلال النصف الأول من القرن العشرين صعوبة في اثبات التطور النوعي الكبير، رغم انهم تقبلوا دائرة التطور الصغير أو النويعي، لكنهم وجدوا فجوة في التطور النوعي اعتماداً على التطور النويعي كالذي تدعيه الداروينية. وفي النتيجة ذهبوا إلى مسالك مختلفة لتبرير التطور الكبير. ووفق عالم الطيور الالماني بيرنهارد رينش Bernhard Rensch ان هذه الأنماط والآراء المشككة، كما أشار اليها، أخذت في التقلص شيئاً فشيئاً[2].

لقد سجّل داروين صعوبات أربع ذكرها مجملة في صفحة واحدة من (أصل الأنواع) [3]، ثم أجاب عن كل منها بالتفصيل، وهي كما يلي:

1-                لماذا لا نرى عدداً لا حصر له من الأنواع التوسطية والأشكال الانتقالية؟

2-                كيف نصدق بأن الانتخاب الطبيعي يؤدي إلى تكوين العين، أو تركيب وسلوك الخفاش، وغيرهما من التراكيب المعقدة المنتظمة؟

3-                كيف يمكن للغرائز ان تتعدل أو تتطور مثل ما يقوم به النحل في صنع الخلايا؟

4-                كيف يمكن تفسير وجود الذرية العقيمة أو العاقرة؟

هذه هي الصعوبات التي سجلها داروين ثم بدأ بالاجابة عنها واحدة تلو الأخرى، مع ما صادفه من صعوبات أخرى غيرها.

وما يميز الثلاثة الأخيرة انها تتحدث عن كيفية نشوء النظم المعقدة للكائنات الحية، وبعضها ناظر إلى التعقيد البنيوي، كما في مثال تركيب العين واذن الخفاش ضمن الصعوبة الثانية، فيما بعضها الآخر ناظر إلى التعقيد الوظيفي، كما في كيفية نشوء وظائف معقدة للغاية، كالغرائز، مثل قيام النحل بصنع الخلايا. في حين ان الصعوبة الأخيرة لها علاقة بالانتخاب الطبيعي من حيث ان انتقاءاته لا تكون من غير فائدة، وبالتالي كيف يمكن تفسير وجود ذرية عقيمة وتبدو أقل فائدة مما لو كانت غير عقيمة؟

ومن حيث التفصيل بدأ داروين بتناول تلك الصعوبات على التوالي.. وسوف نعالجها ضمن عنوانين رئيسيين يتعلقان بمشكلتي الحلقات الوسطى والنظم الحيوية المعقدة، كما يلي:

1ـ مشكلة الحلقات الوسطى

عدّ داروين معضلة غياب الحلقات الوسطى من أبرز الصعوبات التي تواجه نظريته، وأدرجها في مطلع كتابه (أصل الأنواع) تحت عنوان "الصعوبة الأولى"، متسائلاً: لماذا لا نرى عدداً لا يُحصى من الأنواع التوسطية والأشكال الانتقالية التي يفترض أن تكون قد وُجدت عبر مراحل التطور؟ وقد أعاد تناول هذه الإشكالية في الفصل السابع، ضمن ما أورده من اعتراضات وجهها له خصومه.

ويفيد أحد هذه الاعتراضات بأن الكائنات الحية – منذ بداية العصر الجليدي وحتى يومنا هذا – لم تُبدِ أي تحول ظاهر، رغم تعرضها لتغيرات مناخية جذرية، وتنقلها عبر مسافات جغرافية شاسعة[4].

وقد حاول داروين الرد على هذه الصعوبة عبر الاستناد إلى ما أورده بعض العلماء من ملاحظات تتعلق بالضروب أو السلالات الناتجة عن التزاوج، حيث تبين أن الأشكال المتوسطة بين صنفين غالباً ما تكون أقل عدداً من الطرفين اللذين تتوسط بينهما. ذلك أن هذه الضروب الانتقالية لا تحظى عادة بقدرة عالية على البقاء، فتكون أكثر عرضة للفناء تحت ضغط المنافسة مع الأشكال الأخرى الأكثر رسوخاً وانتشاراً.

كما ذكر عدة مبررات للاجابة عن علة غياب الحلقات الوسطى، أهمها احتمال ان تكون الضروب المتوسطة قد تكونت في المناطق الوسيطة ضمن بقعة جغرافية متصلة وبأعداد أقل من تلك الضروب التي تميل إلى ان تربط بينها، وسوف يكون لها في العادة فترة قصيرة للبقاء، ومن ثم انها قابلة للابادة العرضية. وهو ما كرر ذكره كناتج مرجح.

وأورد داروين مبررات إضافية لشرح هذا الغياب، من أبرزها أن الضروب المتوسطة قد تظهر في مناطق جغرافية وسيطة متصلة، ضمن نطاقات محدودة العدد والامتداد مقارنة بالضروب التي أنتجتها، مما يجعلها أقل احتمالاً للبقاء على المدى الطويل. وبفعل قصر عمرها وضعف انتشارها، تكون قابلة للإبادة العرضية بفعل عوامل الطبيعة أو منافسة الأنواع الأكثر تكيفاً، وهو الاحتمال الذي عدّه داروين مرجّحاً ومفسراً لندرة تلك الحلقات الانتقالية في السجل الأحفوري.

وأشار إلى أن عملية الانتخاب الطبيعي تميل إلى إبادة الأشكال الأبوية والحلقات الوسطى، معتبراً أن الإبادة والانتخاب الطبيعي يسيران جنباً إلى جنب، بحيث تُزال الأصول والأشكال الانتقالية، في حين تبقى الأنواع الأحدث التي تتصف بقدر أعلى من التكيف والصلاحية للبقاء[5].

ولعل أفضل تبرير لما حدث من إبادة الضروب الوسطى والأبوية هو ان داروين وجد بعض الحفريات – رغم ندرتها – ورآها تمثل حلقات وسطى وأبوية، كالحصان المنقرض ثلاثي الحوافر، الذي رآه يشكل مرحلة انتقالية بين الأحصنة الحالية ذات الحافر الواحد، وأخرى أكثر قدماً يُعتقد أنها امتلكت خمسة حوافر. لذا فمن وجهة نظره أن الإبادة قد لحقت بالأشكال المتوسطة والأبوية معاً، بينما استمر النوع الأنسب.

غير أن هذا المثال، كما لاحظ عدد من النقاد، وعلى رأسهم مايكل دنتون، لا يرقى إلى إثبات كافٍ على وجود انتقال نوعي حقيقي بين أجناس متباينة، إذ إن جميع تلك الكائنات تنتمي إلى نوع واحد – هو الحصان – ولا تمثل قفزة نوعية أو ظهور نوع مغاير تماماً في البنية أو السلالة[6].

ومع ذلك، تُعد سلسلة تطور الحصان من أبرز السلاسل التي عرضها دعاة التطور، حيث تم العثور على حفريات لأسلاف مختلفة؛ بعضها امتلك أربع حوافر، وبعضها الآخر ثلاث، وانتهاءً بالحصان الحديث ذي الحافر الواحد. وكان العالِم توماس هكسلي قد تنبأ – حتى قبل العثور على تلك الحفريات – بوجود أسلاف للأحصنة ذات خمسة حوافر، وبالفعل تم لاحقاً، بعد فترة وجيزة، اكتشاف حفريات تؤكد صحة تلك التنبؤات[7].

ومما يُشار إليه كثيراً كمثال على الكائنات الانتقالية بين شعبتين حيوانيتين، طائر الأركيوبتركس Archaeopteryx المنقرض، والذي يُقدّر عمره بحوالي (145) مليون سنة مضت. فقد اعتُبر لفترة طويلة حلقة وسطى بين الزواحف والطيور، نظراً لما يجمعه من خصائص كلتا الشعبتين؛ كامتلاكه ريشاً شبيهاً بريش الطيور، إلى جانب صفات زاحفية واضحة مثل الأسنان والمخالب الطويلة والعظام الذيلية.

غير أن ندرة هذا النوع – مع وجود عدد محدود جداً من حفرياته – جعلته مثاراً للجدل الطويل، لا سيما حول ما إذا كان يمثل حقاً شكلاً انتقالياً أم مجرد فرع مستقل انقرض دون أن يكون سلفاً مباشراً للطيور الحديثة. بل إن بعض الباحثين المعاصرين يذهب إلى القول إنه لا أحد اليوم يعتقد أن الأركيوبتركس هو السلف الأول الذي انحدرت منه جميع الطيور، وإنما يُعدّ أقدم فرع معروف من الشجرة التطورية الكبرى التي تمثل سلالة الطيور[8].

ومن اللافت أنه بعد اكتشاف الأركيوبتركس، تم العثور على عدد من الديناصورات الريشية التي يُعتقد أنها أقرب إلى أصل الطيور من هذا الكائن، مما أعاد رسم تصورات العلماء عن التسلسل التطوري لهذا الفرع الحيواني الفريد.

الحقات الوسطى ونقص السجل الحفوري

تواجه نظرية التطور الداروينية – وفق منطقها التدرّجي – معضلتين متلازمتين طالما أثيرتا في النقد العلمي، وهما: غياب الحلقات الوسطى، ونقص السجل الأحفوري. فقد عبّر داروين نفسه عن هذه الإشكالية قائلاً: ‹‹إذا كان التطور يتم على نحو تدرّجي بطيء، فلماذا لا نجد في الطبيعة الحية وفرةً من الكائنات الوسيطة؟ ولماذا لا تكشف لنا طبقات الأرض عن بقايا هذه الحلقات الانتقالية؟››.

فالفرضية التدرجية تقتضي – من حيث المبدأ – وجود عدد هائل من الكائنات الانتقالية أو الضروب الوسيطة، التي تُجسّر الهوّة بين الأنواع المختلفة، إذ يُفترض أن تكون هذه الكائنات قد نشأت بأعداد كبيرة، بحكم كونها محطات ضرورية في مسار التحوّل التطوري من شكل إلى آخر.

ومع أن داروين حاول أن يخفف من وطأة هذا الاعتراض بنقل إشكالية الفقد من ميدان الطبيعة الحية إلى أرشيف الحفريات؛ موضحاً أن الحلقات الانتقالية قد كانت موجودة بالفعل لكنها انقرضت سريعاً ولم تُتح لها فرصة التحجر، فإن هذا التبرير يثير بدوره تساؤلاً إضافياً: إذا كانت هذه الأشكال الوسطى سريعة الانقراض وعاجزة عن مقاومة الانتخاب الطبيعي، فكيف لها أن تلد أنواعاً جديدة قابلة للبقاء والتمايز؟

بل حتى إذا سلّمنا بإمكان اندثارها، فإن المنطق يقتضي أن تترك أثراً يُذكر في السجل الأحفوري، نظراً لضخامة أعدادها المفترضة وتنوعها بما تفوق أعداد ما نراه من حيوانات. فأين هي بقايا هذه الكائنات؟ ولماذا لا يعجّ السجل الأحفوري بها، كما هو الحال مع الأنواع الثابتة والمكتملة؟

لقد أقرّ داروين صراحة بأن معضلة نقص الأشكال الانتقالية في السجل الاحفوري أثارت في نفسه قلقاً عميقاً، وأورثته ارباكاً وحيرة مثقلة بالشكوك طيلة سنوات، وظلّ يعتبرها من أهم الثغرات التي تُضعف نظريته، إلى جانب غيرها من الصعوبات التي لازمته في قبال نظرية التطور[9].

وأشار في هذا المجال إلى اعتراضات النقاد الذين لاحظوا أن مجموعات كاملة من الكائنات الحية تظهر فجأة في طبقات الأرض دون مقدمات أو حلقات متسلسلة تفسّر هذا الانبثاق المفاجئ. فحاول أن يبرر ذلك بالافتراض الجيولوجي القائل بأن البحار والمحيطات القديمة قد غمرت الأرض وطمست شواهد الحياة الأولى، فأتت على الكائنات البدائية ومحت آثارها من السجل الأحفوري. ومن ثم غاب الدليل على الحياة في المراحل الأولى من تاريخ الأرض[10].

وفي رسالة إلى صديقه آسا غراي، لم يجد داروين بداً من الاعتراف بفراغات هذا السجل، داعياً إلى إطلاق العنان للمخيّلة لملء تلك الفجوات العريضة[11]، متذرعاً بأن نقص الأحافير يعود إلى علل جيولوجية حالت دون حفظ أدق مراحل النشوء والتطور[12].

وثمة من دافع عن نظرية داروين لتخفيف معضلة نقص السجل الاحفوري، وكما أشار فيلسوف علم الأحياء مايكل روس إلى ان التقديرات الحديثة لعمر الأرض قد بينت بأنه طويل ويبلغ حوالي (4.5) مليار سنة، وان معظم فجوات هذا السجل قد تم ملؤها، وبصفة خاصة الزمن الذي كان يسبب ازعاجاً لداروين، أي ما قبل عصر الكامبري Cambrian، حيث تم العثور على وجود حياة قبل (3.5 مليار) سنة[13]. وأقدم حفرية تم اكتشافها تعود إلى هذا الزمن المشار اليه، وهي بكتيريا ذاتية التغذية وقادرة على التخليق الضوئي وبالتالي منتجة للاوكسجين[14].

فعلى امتداد ما يقرب من ثلاثة مليارات سنة، ظلت الأرض مأهولة بكائنات وحيدة الخلية، تعيش في صمت الأزمنة السحيقة. ثم بزغ فجر العصر الإدياكاري Ediacaran ـ المعروف أيضاً بالعصر الفندي ـ قبل نحو (635) مليون سنة واستمر حتى مشارف العصر الكامبري، قرابة (541) مليون سنة مضت. ويُعد هذا العصر مرحلة حاسمة في تاريخ الحياة، إذ شهد للمرة الأولى ظهور كائنات متعددة الخلايا ذات بنى أكثر تعقيداً، ازدهرت في بحار الأرض لما يقرب من مائة مليون سنة[15].

وتميّزت هذه الكائنات بأنها رخوية، غريبة الشكل، أشبه بالسعف أو الأنابيب، وتُعد أقدم الكائنات الحية المعقدة المعروفة. غير أن معظمها لم يصمد طويلاً، فقد تعرضت للانقراض مع نهاية العصر الإدياكاري، ولم ينجُ منها إلا القليل الذي عبر إلى العصر الكامبري، حيث بدأت الحياة تأخذ شكلاً مختلفاً وأكثر صلابة[16].

ويُعتقد أن بعض الرخويات الإدياكارية طورت أصدافاً صلبة، مما مهّد لظهور حيوانات بحرية جديدة في الكامبري، منتشرة في البيئات البحرية الضحلة حول العالم.

في حين اختفت الغالبية العظمى من كائنات ذلك العصر، كما لو أنها مرحلة تجريبية لم يُكتب لها النجاح، فاندثرت فجأة لتفسح الطريق إلى حيوانات العصر الكامبري التي تتصف بالتميز، وهي ما زالت موجودة إلى يومنا هذا من دون تغيير. وهذا ما عبّر عنه بعض الباحثين، إذ رأى أن كائنات العصر الإدياكاري كانت بمثابة ‹‹تجارب تطورية فاشلة›› لم تستطع الصمود أمام التفوق البنيوي لأسلاف الكائنات الحديثة التي ما زالت تملأ الكوكب إلى اليوم[17].

الكامبري الذي لم يتدروَن

يُعدّ العصر الكامبري من أكثر الفترات إحراجاً للداروينيين، وقد أشار إليه داروين نفسه ضمن الصعوبات الخطيرة التي واجهت نظريته[18]. فقد شهِد هذا العصر ما يُعرف بـ "الانفجار الحيواني"، حيث ظهرت فجأة كائنات حية متنوّعة ومعقدة، دون مقدمات واضحة في السجل الأحفوري، وهو ما يتعارض مع مبدأ التدرّج البطيء الذي تقوم عليه الداروينية.

وأهم ما أظهره هذا الانفجار أنّ السجل الأحفوري لا يتسم بالنقص كما كان يُفترض سابقاً لتبرير غياب الحلقات الانتقالية وفقاً للتفسير الدارويني القائم على التدرجية البطيئة. ولهذا ظهرت أطروحات جديدة تسعى لتفسير هذا النمط غير التدريجي، أبرزها نظرية "التوازن المتقطع" التي اقترحها نيلز ألدريدج وستيفن جاي جولد في أوائل سبعينيات القرن العشرين، مثلما سبق عرضها بالتفصيل. فهذه النظرية تؤكد أن الكائنات الحية تميل إلى الثبات الطويل، يعقبه تغير مفاجئ وسريع يؤدي إلى ظهور أنواع جديدة مكتملة، وهو ما يتنافى مع مبدأ الانتخاب الطبيعي والتدرج البطيء كما تفترضهما النظرية الداروينية.

وإلى يومنا هذا، لا توجد تقديرات دقيقة لبداية العصر الكامبري أو للعصر الإدياكاري الذي سبقه، ولا لمدّة "الانفجار الحيوي" الذي وقع فيه. بل إنّ الحدود الزمنية الفاصلة بين العصرين ما تزال غير واضحة لتداخلها، كما أشار إلى ذلك عدد من الباحثين.

فقد ذكرت راشيل وود Rachel Wood من جامعة إدنبرة أن بعض العلماء كانوا يدرسون العصر الكامبري، فيما ركز آخرون على الإدياكاري، لكن عندما اجتمعوا في مؤتمر بالمملكة المتحدة، أدرك الكثير منهم أن الفاصل بين العصرين قد بدأ يختفي. إذ وُجد أن بعض السمات الحيوانية المميزة للعصر الكامبري، مثل الأصداف الصلبة والهياكل العظمية، قد ظهرت فعلياً في العصر الإدياكاري[19].

لهذا لا تزال تصنيفات العصرين وتواريخ بداياتهما ونهاياتهما محطّ اجتهاد وتقدير، تتغير بين الحين والآخر، كما هو الحال في علم الفلك، حيث تبقى الحدود مرنة والتفسيرات مفتوحة على احتمالات متعددة.

ورغم المحاولات الكثيرة لحسم بدايات العصر الكامبري ومدى الانفجار الحيواني الذي رافقه، إلا أن التقديرات ما زالت تخضع لتعديل مستمر. فقد قُدّر في السابق أن هذا العصر بدأ قبل نحو (600) مليون سنة، وأن مدة الانفجار الكامبري تراوحت بين (25 إلى 40) مليون سنة. غير أن العالِم الشهير ستيفن جاي جولد رجّح أن تكون مدته أقصر بكثير، لا تتجاوز (5 إلى 6) ملايين سنة، وإن زادت فلا تتجاوز عشرة ملايين كحد أقصى، ما يجعل وتيرة التطور خلال تلك المرحلة سريعة على نحو مدهش وفقاً للمعايير البيولوجية المعتادة[20].

ثم ظهرت بعد ذلك تقديرات أدق، ففي أوائل تسعينات القرن الماضي أُرخت بدايته قبل نحو (544) مليون سنة، أو حتى قبل ذلك بملايين قليلة، وان بداية الانفجار كانت قبل حوالي (530) مليون سنة، وامتد لنحو عشرة ملايين سنة، لتنضج التقديرات لاحقاً إلى أن هذا الانفجار قد اكتمل قبل حوالي (518) مليون سنة[21].

ويُعدّ الكامبري من أهم الفصول في سجل الحياة على الأرض، إذ ظهرت خلاله معظم البنى الحيوانية الرئيسية. وتُقدَّر عدد الشُعب الحيوانية التي نشأت في هذا العصر بأكثر من ثلاثين شعبة رئيسية، وقد تتجاوز ذلك بكثير إذا ما أُخذ بالحسبان ما لم يُكتشف بعد. وتشير التقديرات إلى أن هذه الشُعب تمثل أكثر من (95%) من الأنواع الحيوانية المعروفة اليوم[22].

ومن أبرز هذه الشُعب التي ما زالت تهيمن على الحياة الحيوانية حتى يومنا، المفصليات، والتي تتصف بأرجلها المتعددة وعيونها المركّبة، بالإضافة إلى كائنات أخرى مثل الديدان المفترسة ذات الخياشيم الريشية، التي امتلكت أنظمة افتراس فعالة، من بينها فكوك حادة قادرة على سحق الفرائس[23].

ومن أغرب ما تم العثور عليه حفرية لحيوان عاش في وقت مبكر لهذا العصر سمي بالهايكويلا Haikouella، وهو حيوان حبلي شبيه بالسمك، ويمتاز بمميزات تشريحية متطورة، حيث يحتوي على القلب والشريان الأبهر البطني والظهري، والشريان الأمامي الخيشومي، والحبل العصبي ذي الدماغ الكبير نسبياً، وغيرها من سمات. وهو ما يجعله عائداً إلى الفقريات، ويضيف مشكلة أخرى إلى الجدل الدائر حول الانتقال التطوري من اللافقريات إلى الفقريات[24].

العصور الحيوية ومآزق الداروينية

يمكن تقسيم التاريخ الحيوي للكائنات الحية، وفق التقديرات المتداولة، إلى أربعة عصور رئيسية:

العصر الأول: امتد لأكثر من ثلاثة مليارات سنة، منذ نشأة الحياة وحتى منتصف المليار سنة الأخيرة، وتميّز بسيادة الكائنات وحيدة الخلية، كالبدائيات والبكتيريا والطحالب الدقيقة.

العصر الثاني: وهو العصر الإدياكاري (أو الفندي)، والذي سبق العصر الكامبري بزمنٍ يسير، وظهرت خلاله لأول مرة كائنات متعددة الخلايا، لكنها كانت بدائية وغامضة الشكل والوظيفة.

العصر الثالث: وهو العصر الكامبري، الذي حمل معه ما يُعرف بـ "الانفجار الحيواني الكبير"، حيث ظهرت خلاله معظم الشعب الحيوانية الكبرى، بما في ذلك المفصليات والرخويات، وبرزت كائنات معقّدة كالحبار والأخطبوط، والتي تتصف بذكاء عالٍ وأعين متطوّرة.

العصر الرابع: يضم ما تلا الكامبري من عصور لاحقة، تتسم بندرة ظهور شعب حيوانية جديدة، وبقدر كبير من السكون التطوري.

ومن خلال هذا التقسيم، تواجه النظرية الداروينية ثلاث مشكلات جوهرية:

أولاً: فجوة ضخمة بين الحياة البسيطة في أول ثلاثة مليارات سنة (وحيدة الخلية ومثلها المستعمرات الطحلبية) وبين الكائنات المعقدة نسبياً في العصر الإدياكاري. فظهور هذه الكائنات المتعددة الخلايا فجأة يطرح تساؤلاً حول الكيفية التي نشأت بها، دون وجود حلقات تطورية واضحة تربطها بالكائنات الأبسط.

ثانياً: الانفجار الكامبري، الذي يُعدّ لغزاً من أعقد ألغاز التاريخ البايولوجي؛ حيث ظهرت خلاله، في مدة قصيرة جداً (لا تتجاوز 10 ملايين سنة)، معظم البنى الحيوانية الكبرى ذات الأشكال المختلفة، ثم انقرضت غالبيتها لاحقاً، ما يدعو لمزيد من الحيرة والتعجب.

فمن جانب كيف يتم الربط بين العصر الكامبري وما قبله؟ إذ الشعب الحيوانية للعصر الذي سبقه كانت قليلة، وهي لا تفسر الكثرة الفجائية التي تضمنها. كما من جانب آخر ان أغلب هذه الحيوانات قد انقرضت وما بقي منها هو القليل جداً كما نراها اليوم من دون تطور. ويقدر ما بقي من هذه الكائنات اليوم بأقل من (1%). وان أكثر من (80%) هي من مفصليات الأرجل[25].

لقد جادل علماء الأحياء لعقود حول ما أشعل الانفجار التطوري[26]. والبعض يرى ان سبب هذا التحول يعود إلى الارتفاع الحاد في الاوكسجين، فيما يخمّن آخرون غير ذلك، لكن ما زالت أسباب ذلك مجهولة تماماً.

وقد يعود هذا الانفجار إلى أسباب فضائية استناداً إلى نظرية الكون الحيوي، وذلك عند افتراض ان لبعض الحيوانات قابلية على الانتقال والسفر في الفضاء بسلام، ويقرّب هذا المعنى ما تتصف به بعض الحيوانات والجراثيم من مثل هذه القابلية، مع فرض اصابة ذلك العصر بزخات من النيازك الغزيرة. فعلى الافتراض الأخير يمكن تفسير تلاشي أغلب حيواناته، ونقل بعض الكائنات الحية الفضائية، بل وتعديلها عبر ما تنشره هذه النيازك من فايروسات مؤثرة، فتسبب لبعضها الأمراض التي قد تؤدي إلى الفناء والانقراض، كما قد تسبب لبعض آخر حالات من التطور الناجح، كما عالجنا ذلك في (صخرة الإيمان).

ومعلوم ن الظهور المفاجئ لمعظم الأنواع في السجل الجيولوجي وعدم وجود دليل على حدوث تغير تدريجي كبير فيها - منذ ظهورها الأولي حتى انقراضها - تمت ملاحظته منذ فترة طويلة، وكان ممن لاحظ ذلك داروين نفسه، وحاول تقديم اجابة تستبعد فكرة تأثير الكوارث في الخلق القفزي، حيث الاعتقاد بأن درجة الابتكار التطوري تتناسب تقريباً مع درجة شدة الانقراض[27]، وأعرب عن قلقه، مشيراً في هامش مقالة له عام 1844 إلى القول: إذا كانت الأنواع قد خُلقت بالفعل بعد كوارث في زخات من مطر النيازك في جميع أنحاء العالم، فإن نظريتي خاطئة[28].

ثالثاً: السكون البايولوجي، إذ يُلاحظ أنّ التطور الحيواني ما بعد العصر الكامبري اتسم ببطء بالغ يكاد يلامس الجمود، حيث لم تُسجّل خلاله أي طفرات كبرى في ظهور أصناف أو شعب جديدة، باستثناء حالات نادرة لا تكاد تُذكر. وعلى النقيض، ظلت كائنات بدائية جداً، كالبكتيريا، محافظة على بنيتها الأصلية دون تغير يُذكر، وذلك منذ أكثر من ثلاثة مليارات ونصف المليار سنة.

وتقارب هذه المرحلة من الركود نصف مليار سنة، وهو ما يثير إشكالاً جوهرياً لا تُحسن نظريات التطور الكلاسيكية تفسيره، وفي مقدمتها النظرية الداروينية. فكيف يُعقل أن يحدث تطوّر حيوي بالغ التعقيد خلال بضعة ملايين من السنين في العصر الكامبري، ثم يعقب ذلك سكون طويل يمتد لمئات الملايين من السنين دون ظهور شُعب كبرى جديدة؟

وكيف تُفسّر تحولات كبرى وفجائية في البنى الحيوانية المعقدة قبل أن تسبقها التغيرات التراكمية البطيئة المفترضة؟

إن هذا التضاد الزمني بين انفجار تطوري سريع وركود طويل مستمر، يشكّل واحدة من أبرز المفارقات التي تعصف بأسس التطور التدرّجي القائم على الانتخاب الطبيعي.

بل وإن التناقضات الثلاث الكبرى – فجوة النشوء، والانفجار الكامبري، والسكون الحيوي – تثير تساؤلات حرجة حول مدى كفاية النموذج الدارويني لتفسير مسار الحياة على الأرض، بما ينطوي عليه من فرضيات التغيّر التراكمي البطيء والانتخاب التدريجي.

***

ولعلّ أوضح ما يكشف خلل هذا النموذج هو الانفجار الكامبري، الذي لا يتوافق مع الصورة النمطية المتداولة لشجرة الحياة كما تفترضها نظرية داروين. إذ يظهر الواقع وكأنّ التصنيف البيولوجي مقلوب على رأسه، أو كما يذهب بعض ناقدي الداروينية: إنّ تصنيف الكائنات الحية يتخذ في حقيقته بنية هرمية، لا شجرية.

فالبداية، خلافاً لما يُفترض، تشكّل قاعدة أفقية عريضة تضم طيفاً واسعاً من الشعب الحيوانية المختلفة التي لا يجمعها تطوّر تسلسلي مباشر، بل نشأت متمايزة منذ البدء. ثم ما لبث هذا الاتساع أن تضاءل مع الزمن، حيث أخذ عدد الشعب والرتب الجديدة في التقلّص، حتى غدا ما نشهده اليوم لا يمثل سوى القليل النادر مما كان.

لقد شهدت الطبقات السفلى من تاريخ الحياة – لا أعلاها – التغيّرات الكبرى، وأظهرت تنوّعاً حيوانياً غير مسبوق، كما في الانفجار الكامبري، مما يجعل من الصورة الهرمية أكثر تعبيراً عن واقع الحياة على الأرض من الصورة الشجرية التي تبنّاها داروين. فالقاعدة في الأسفل، والرأس في الأعلى، وهو تصنيف على الضد من التصنيف الشجري للحياة. وكل ذلك قد انعكس على تصور التصنيف العلمي للحياة.

وهو ما تبنّته لاحقاً المدرسة النمطية في التصنيف، التي سنلقي عليها الضوء في الفقرة التالية..

النمطية ومشكلة التصنيف

كشف علم التصنيف القائم على النمطية أن الكائنات الحية تتوزع وفق بنية هرمية، لا شجرية، وهي الصورة التي يعزّزها ما نراه في الانفجار الكامبري من تنوّع مفاجئ وعريض في الشعب الحيوانية.

ومعلوم ان المخطط الهرمي للتصنيف كان سائداً قبل الداروينية، وظلّ معتمداً بعدها دون أن يطرأ عليه تغيير جوهري، كما أشار إلى ذلك إرنست ماير.

وقد بقيت مسألة السلف المشترك – التي تعدّ من أعمدة النظرية الداروينية – غير محسومة ضمن منهج التصنيف النمطي، إذ لا يفترض هذا التصنيف وجود نسب تطوري بالضرورة، بل يركّز على السمات الثابتة والمشتركة، سواء كان المستخدمون له أنصاراً للتطور أم غير مؤمنين به.

وأكّد هذه الحقيقة عالم الحفريات المعروف جورج جايلورد سيمبسون George Gaylord Simpson عام 1945، حيث أوضح أن نظام التصنيف ظل واحداً بين علماء الحيوان، بصرف النظر عن انتمائهم الفكري، تطورياً كان أم لا[29].

لكن من وجهة نظر دعاة النظرية النمطية انه لا يمكن تخيل انبثاق النمط الهرمي عن العملية التطورية، أو ان الطراز الهرمي لا يسمح ببقاء أشكال سلفية أو انتقالية. فالهرمية دالة على النمطية لا التطور[30].

وحديثاً ظهرت مدرسة شهيرة للتصنيف تدعى بالتصنيف التفرعي cladistics، وهي نهج معرفي يصنف السلالات طبقاً لاعتبارات متوازية أو أخوية من دون افتراضات مسبقة حول الأصل المشترك كالذي تفترضه الداروينية وغيرها. ويقال ان بدايتها كانت في الخمسينات. كما يؤرخ لها بأنها ظهرت في الستينات. وقد دافع عنها خلال الثمانينات كل من عالم العناكب الأمريكي نورمان بلاتنيك Norman Platnick وعالم الحيوان غاريث نيلسون Gareth Nelson وعالم الاحاثة كولن باتيرسون Colin Patterson وغيرهم. كذلك يعتبر رونالد برادي Ronald Brady (المتوفى عام 2003) أول فيلسوف يدافع عن هذه المدرسة كحقل علمي مستقل[31].

لقد استعانت هذه المدرسة بفكرة الأنماط كالتي دعا اليها أغاسيز خلال القرن التاسع عشر عوض التعويل على الأسلاف المشتركة والحلقات الوسطى التي افترضتها الداروينية. وهي فكرة تبناها علماء متحف التاريخ الطبيعي البريطاني في جنوب كنسنغتون بلندن خلال ثمانينات القرن العشرين. فقد رأى المسؤولون عن المتحف بأن نظرية التطور ليست حقيقية، بل هي احدى طرق قراءة الوقائع[32]. ومال أكثر من عشرين مختصاً يعملون في هذا المتحف إلى النظرية النمطية، مستدلين على ذلك بما يفرضه علم الاحاثة، خاصة فيما يتعلق بفكرة الأسلاف المشتركة، إذ لم يجدوا للكائنات الحية ما يعتبر سلفاً حقيقياً لها. وبعضهم اعتبر ان البحث عن الأسلاف مهمة حمقاء.

وكان عالم الأحافير البريطاني كولن باتيرسون، أحد الباحثين البارزين في المتحف البريطاني للتاريخ الطبيعي، قد أثار تساؤلاً لافتاً في مستهل كتابه (التطور Evolution) الصادر عام 1978، متسائلاً بصراحة: هل نظرية التطور قضية علمية؟

وللإجابة، استعرض باتيرسون المعايير العلمية كما صاغها كارل بوبر، خصوصاً معيار القابلية للتكذيب، إضافة إلى مبدأ البساطة الذي يُعد أحد الأسس المعتمدة في التفكير العلمي. وبعد نقاش معمّق، توصّل إلى أن نظرية التطور ليست علمية تماماً كعلم الفيزياء، لكنها كذلك ليست غير علمية كالتاريخ، بل تقع في منطقة وسطى بين العلم الدقيق والسرد التفسيري.

فالنظرية – كما يراها – لا تقوم على قوانين صارمة كالتي تحكم الظواهر الفيزيائية، لكنها تمتلك قواعد عامة، وتقدّم تنبؤات تقريبية بشأن خصائص الكائنات الحية. ومن هذا الباب فإنها تبقى قابلة للاختبار والنقض وفق منطق بوبر، الذي أكّد عليه داروين نفسه في محاولته جعل نظريته خاضعة للتقييم العلمي[33].

ومن تصريحاته هو ان الأسلاف المنقرضة تبدو غامضة بدلاً من أن تضيء العلاقات، فهي لا توجد في الطبيعة، ولكن في عقول أنصار التطور فحسب[34]. ورأى ان التفسير الدارويني لا يخلو من بلاغة فارغة. وأشار إلى الفرق بين التفسير النظري والبيانات الواقعية بالتمثيل بين العربة والحصان، حيث تشير العربة إلى التفسير النظري فيما يشير الحصان إلى البيانات، وهو يرى وفقاً لذلك ان التفسير الدارويني يضع العربة أمام الحصان، في حين انه يدعو إلى تفضيل النماذج التي تحملها البيانات على النماذج المشتقة من النظريات التفسيرية.

وسبق للفيلسوف وعالم الأحياء الانجليزي جوزيف هنري وودجر Joseph Henry Woodger أنْ انتقد حالة افتراض السلف المشترك دون اعتبار للملاحظة العلمية، ومثّل على ذلك بوضع العربة أمام الحصان، وذلك قبل نشأة مدرسة التصنيف التفرعي[35].

ولباتيرسون سؤال تشكيكي مشهور حول التطور، ففي أحد خطاباته عام 1981 قال: هل يمكنك أن تخبرني أي شيء عن التطور، أي شيء واحد صحيح؟ وذلك للدلالة على عدم وجود اجابات.

لقد عرض علماء المتحف البريطاني فلماً قصيراً علقوا فيه: ‹‹إن مفهوم التطور من خلال الانتخاب الطبيعي هو بالمعنى الدقيق غير علمي››[36]. وهو ما أحدث بلبلة لدى علماء الأحياء.

لقد أثار التصنيف التفرعي في التزامه بالنمطية وتشكيكه في التطور الدارويني صدمة لدى البايولوجيين، وهو ما دعا مجلة الطبيعة Nature ان تشن هجوماً حاداً على المتبنين لهذا التصنيف من موظفي متحف التاريخ الطبيعي البريطاني عام 1981، متساءلة باستغراب: هل نظرية التطور ما تزال سؤالاً مفتوحاً بين علماء الأحياء الجادين؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فما الهدف مما يحصل غير التشويش العام الذي تخدمه كلمات ابن عرس (المخادع weasel)؟[37].

لذلك اعتقد علماء الأحياء ان هذا التصنيف يحمل نواة للارتداد عن مجمل العملية التطورية. والبعض يطلق عليه بالتصنيف غير التطوري مثلما هو الحال مع عالمة الأحياء ويلما جورج Wilma George.


[1]  Richard Owen, Darwin on the Origin of Species (1860). Look:http://www.victorianweb.org/science/science_texts/owen_review_of_origin.html

[2]  Bernhard Rensch, Evolution above the species level, 1960, p. 58. Look:https://archive.org/search.php?query=external-identifier%3A%22urn%3Aoclc%3Arecord%3A1034661421%22

 [3] أصل الأنواع، ص276.

 [4] المصدر نفسه، ص337.

 [5] أصل الأنواع، ص277ـ283 و330.

 [6] التطور: نظرية في أزمة، ص71ـ3.

 [7] مايكل ريوس: تشارلس داروين، ص138.

 [8] ما الذي تحكيه لنا الأحافير؟، ص64.

 [9] أصل الأنواع، ص746

 [10]           مايكل ريوس: تشارلس داروين، ص59ـ60

[11] Richard Owen, 1860.

 [12]           أصل الأنواع، ص742ـ3.

 [13]           تشارلس داروين، ص135.

 [14]           جويل دو روزناي: مغامرة الكائن الحي، ترجمة احمد ذياب، المنظمة العربية للترجمة، 2003، ص192.

 [15]           https://www.theatlantic.com/science/archive/2019/04/did-cambrian-explosion-actually-happen/587830/

 [16]           https://en.wikipedia.org/wiki/Ediacaran_biota

 [17]           https://www.theatlantic.com/science/archive/2019/04/did-cambrian-explosion-actually-happen/587830/

 [18]           أصل الأنواع، ص530 وما بعدها.

 [19]           https://www.theatlantic.com/science/archive/2019/04/did-cambrian-explosion-actually-happen/587830/

 [20]           Stephen Jay Gould, Dinosaur In a Haystack, 1995. Look:http://www.sjgouldessays.com/content/nh_essay_summaries_content/07%20Dinosaur%20In%20a%20Haystack.pdf

 [21]           https://www.nhm.ac.uk/discover/news/2019/february/the-cambrian-explosion-was-far-shorter-than-thought.html

 [22]           وليام ديمبسكي وجوناثان ويلز: تصميم الحياة، ترجمة موسى ادريس ومؤمن الحسن ومحمد القاضي، مراجعة وتقديم احمد يحيى وعبدالله الشهري، دار الكاتب للنشر والتوزيع، مصر، الاسماعيلية، الطبعة الأولى، 2014م، ص105.

 [23] https://www.scientificamerican.com/article/what-sparked-the-cambrian-explosion1/

[24] Jun-Yuan Chen, Di-Ying Huang & Chia-Wei Li, An early Cambrian craniate-like chordate, 1999. Look:https://www.nature.com/articles/990080?proof=t

 [25] https://ncse.ngo/darwins-dilemma-was-cambrian-explosion-too-fast-evolution

 [26] https://www.scientificamerican.com/article/what-sparked-the-cambrian-explosion1/

[27]Niles Eldredge, 2006.

[28] https://en.wikipedia.org/wiki/Punctuated_equilibrium

[29] Ernst Mayr, Methods and Principles of Systematic Zoology, 1953, p. 41. Look:http://library.lol/main/1F04C65BD9E1607F8352A820ED9DE8A8

[30] التطور: نظرية في أزمة، ص170ـ1.

 [31]           https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1111/cla.12397

 [32]           داروين وشركاؤه، ص191.

 [33]           Colin Patterson, Evolution, 1978, p. 145-6. Look:https://archive.org/details/evolution00coli

 [34]           https://ca1-tls.edcdn.com/Special-Issue-2-Colin-Patterson-1933-1998-A-Celebration-of-His-Life.pdf?mtime=20160715104716

 [35]           https://en.wikipedia.org/wiki/Transformed_cladistics

 [36]           داروين وشركاؤه، ص192.

 [37]           David L. Hull, The Use and Abuse of Sir Karl Popper, 1999. Look: http://www.ask-force.org/web/Discourse/Hull-Use-Abuse-Popper-1999.pdf

comments powered by Disqus